للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنصرة لدين الله وطريقته وشريعته تتحقق بالغزو والقتال في بعض الأحوال، بل قد يتعين هذا الطريق في بعض الأزمنة والأمكنة لنصرة دين الله. ولكن قد يأتي عصر –كعصرنا - يكون فيه الغزو الفكري والنفسي أهم وأبعد خطراً وأعمق أثراً، من الغزو المادي العسكري.

فإذا كان جمهور الفقهاء في المذاهب الأربعة قديما، قد حصروا هذا السهم في تجهيز الغزاة والمرابطين على الثغور، وإمدادهم بما يحتاجون إليه من خيل وكراع وسلاح فنحن نضيف إليهم في عصرنا غزاة ومرابطين من نوع آخر، أولئك الذين يعملون على غزو العقول والقلوب بتعاليم الإسلام، والدعوة إلى الإسلام، أولئك هم المرابطون بجهودهم وألسنتهم وأقلامهم للدفاع عن عقائد وشرائع الإسلام.

ودليلنا على هذا التوسع في معنى الجهاد:

أولاً: أن الجهاد في الإسلام لا ينحصر في الغزو الحربي والقتال بالسيف؛ فقد صح عن النبي (ص) أنه سئل: أي الجهاد أفضل؟ فقال: ((كلمة حق عند سلطان جائر)) .

كما روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود أن رسول الله (ص) قال:

((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)) .

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) .

ثانياً: إن ما ذكرناه من ألوان الجهاد والنشاط الإسلامي لو لم يكن داخلاً في معنى الجهاد بالنص، لوجب إلحاقه به بالقياس، فكلاهما عمل يقصد به نصرة الإسلام والدفاع عنه، ومقاومة أعدائه، وإعلاء كلمته في الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>