للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ونشير إلى أن المقارضة فيها ليست مقارضة مجردة، بل هي مؤلفة من مقارضة ومشاركة، لأن الطرف الآخر (الأوقاف) يشترك مع أصحاب السندات في المال المتمثل في الأرض التي يجب تقويمها نقدا لمعرفة الحصة المالية لكل طرف، وهي كذلك مضاربة لأن هناك أرباب مال لا يعلمون. ولا يستطيع أن ينكر أحد أن المضاربة نوع شركة، لأنها شركة بين طرفين، أحدهما يقدم المال والآخر يقدم العمل، وهي شركة في الربح والصافي. وشركة الأموال فقها شركة بين طرفين كل منهما يقدم المال والعمل، فهي أعمق من المضاربة لأنها شركة في المال والعمل والربح والخسارة، في حين أن المضاربة شركة في الربح فقط، حيث العامل لا يشارك في المال ولا في الخسارة المالية.

نقد:

١- بما أن سندات المقارضة فيها معنى القروض، كما بينا في (الخصائص) فإن الربح المتوقع حتى ولو لم يكن ثابتا محددا مسبقا، فإنه يعتبر فائدة ربوية محرمة، لأن تعهد المقرض بدفع أي فائدة، سواء كانت معلومة مسبقا أو غير معلومة، يعد ربا محرما، وأن عقد القرض عقد إرفاق لا يقصد من ورائه فائدة ولا ربح دنيوي. والقرض في حالة سندات المقارضة قرض بفائدة، تمثل الفائدة فيه (نسبة معينة من الربح، وتكون الفائدة هنا أمرا احتماليا، قد يتحقق إذا تحقق ربح، وقد لا يتحقق إذا انعدم الربح) (١) .

ثم إذا قبلنا كفالة الدولة لرأس مال المكتتبين، فما الذي يمنع كذلك فيما بعد من كفالتها لمستوى معين من الربح؟ وعندئذ ماذا يبقى من فرق بين سندات المقارضة وسندات القروض الربوية؟

٢- ثم إن تداول السندات قد يؤدي إلى بيعها بأكثر من قيمتها الاسمية، فهذا ربا آخر.

٣- لا اعتراض على الخصيصة الثالثة، لأن القراض من شأنه الشركة في الربح الصافي، كما هو نص القانون. لكن لو تمت الشركة في أجور كراء المكاتب والمخازن التي ستقام على أرض الوقف، فإن هذه الشركة لا تجوز (٢) .


(١) الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور عبد الرزاق السنهوري، دار إحياء التراث العربي، بيروت د. ت، ج٥، ص٤٢٧
(٢) راجع بحثي (مشاركة الأصول الثابتة في الناتج أو في الربح) الذي سينشر في مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، العدد الأول، المجلد الثالث

<<  <  ج: ص:  >  >>