للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن هذا المنهج، ففي سنن أبي داود عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديار، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) .

وقد قوم الرسول (صلى الله عليه وسلم) توجه كثيرا من أصحابه الذين أرادوا قيام الليل كله، وصيام الدهر أبدا، أو أرادوا الانقطاع إلى العبادة واعتزال النساء، أو تحريم اللحم، وبين لهم أن ذلك كله مخالف لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وأن من رغب عن سنته فليس منه.

وجاءت الطامة الكبرى في العصر الحديث حيث قامت في ديار المسلمين دعوات أخذت تنادي بالكفر الصراح. ونبذ الإسلام والانضواء تحت رايات تعلن الحرب على الإسلام، ومن هذه الدعوات تلك التي تنادي بالعلمانية والشيوعية والبعثية. والدعوات التي تنادي بالاعتزاز بالحضارات الكافرة البائدة كالفرعونية والآشورية والبابلية، وقامت دعوات تضع مبادئ ضالة على أساس القومية والوطنية، وتحت ستار هاتين الدعوتين توضع منهاج مخالفة للإسلام تدعو الناس إلى تجمعات ضيقة تضاد الإسلام وتحاده.

وقام في أيامنا فريق ينادي بتقليد العالم الغربي، والسير في الطريق الذي سار فيه، غير مفرقين بين ما يحسن أخذه، وبين ما لا يجوز أخذه، فهم يرون أننا لن ننهض حتى ننبذ ديننا، ونسير في مسار العالم الغربي ولو اقتضى الأمر أن ننسلخ من جلودنا ونلبس جلودهم، وما هذا الانبهار بالحضارة الغربية إلا ثمرة لجهل الأمة بدينها ومركزها، وهذا جعلها تنظر إلى الأمم التي غلبتها نظرة فيها كثير من التعظيم والتبجيل، وأخذت تقلد الأمم الغالبة في عوائدها، وتلك سنة من سنن الله في خلقه عقد لها ابن خلدون في مقدمته فصلا فقال: (فصل: المغلوب مولع بتقليد الغالب) .

وفي الحديث في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى ولو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟.)) .

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون من قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع. قيل له: يا رسول الله كفارس والروم، قال: من الناس إلا أولئك؟))

<<  <  ج: ص:  >  >>