للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تسلم الذين صبغوا بالثقافة الغربية مراكز التوجيه في ديار الإسلام، وصبغوا الحياة فيها بالصبغة الغربية، وتأثر بهم الناشئة كثيرا.

ثانيا: الفرقة التشريعية:

لا نعني بالفرقة هنا الاختلاف الذي وقع بين السلف في فقه النصوص بسبب تفاوت العلماء في الفهم والإدراك، كما لا نعني به الاختلاف الناشئ عن عدم وجود نص، فهذا النوع من الاختلاف لا يسبب فجوة بين المسلمين، وقد وقع هذا النوع من الاختلاف بين الصحابة في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولم ينكره المصطفى على أصحابه، فإنه اختلاف طبيعي، تأبي طبيعة البشر أن لا يختلف فيه.

والاختلاف المذموم هو الخلاف الناشئ عن الإعراض عن نصوص الكتاب والسنة تقليدا لآراء الرجال، أو الإعراض عن النصوص اتباعا للهوى.

وقد نشأت في المسلمين دعوات كثيرة تهدف –بقصد أو بغير قصد- إلى زحزحة نصوص الكتاب والسنة عن مرتبة الصدارة، ورد الأمر إلى عقول الرجال والقواعد التي أفرزتها تلك العقول.

وقام في المسلمين من يدعي أن أكثر نصوص الكتاب والسنة لا تصلح للاستدلال لأنها ظواهر وعموميات لا تفيد اليقين، وأخذ هؤلاء ينادون بالرجوع إلى القواعد العقلية لأنها وحدها التي تفيد اليقين.

وقام في المسلمين من نادي بالاقتصار على القرآن وحده ونبذ السنة النبوية، وسمي هؤلاء أنفسهم –زورا وبهتانا- بالقرآنيين. وكذبوا فلو كانوا قرآنيين لأخذوا بالسنة التي يلزمها القرآن بالأخذ بها، وبعض الفرق الضالة رفضت السنة رفضا كليا، وجوز أصحاب هذا المذهب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخطأ في غير القرآن، ومعني ذلك أن كلامه ليس بحجة، وقد خالف الخوارج والمعتزلة أهل السنة في كثير مما أجمعوا عليه، ولذلك جوزت الخوارج الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، وذهبوا إلى أن الحكم الواجب في حق الزاني هو جلد مائة جلدة، لا يفرقون بين المحصن وغير المحصن مستدلين بالقرآن ورادِّين للحديث.

وذهب المعتزلة إلى رد أحاديث الآحاد مطلقا، فهم يقبلون المتواتر دون الآحاد، وإن كان في أصح كتب الحديث، زاعمين أن الآحاد ظني الثبوت والدين لا يقوم على الظن. وذهب آخرون إلى أن المفروض هو أحاديث الآحاد في العقيدة وقد زعموا أن أحاديث الآحاد ظنية والعقيدة لا تقوم على الظن.

<<  <  ج: ص:  >  >>