للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم مما يفيد الإذن بالعزل لأصحابه، بل وما يفيد إنكاره مقالة اليهود التي شبهت العزل بالموءودة الصغرى، أما إذنه صلى الله عليه وسلم بالعزل فقد جاء فيما رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل؟ قال: ((اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها)) ، قال: فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حملت، قال: ((قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها)) (١) .

وفي رواية أخرى لأحمد، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: أصبنا سبيًا يوم حنين، فكنا نلتمس فداءهن، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال: ((اصنعوا ما بدا لكم، فما قضى الله فهو كائن، فليس من كل الماء يكون الولد)) (٢) . وطرقه عند مسلم عن أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، سمعه يقول: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال: ((ما من كل الماء يكون الولد، وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء)) (٣) .

أما ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من تكذيب لليهود في ادعائهم أن العزل هو الموءودة الصغرى فقد جاء ذلك فيما أخرجه أبو داود عن أبي سعيد الخدري بسند قال فيه ابن القيم: وحسبك بهذا السند صحة فكلهم ثقات حفاظ.

عن أبي سعيد الخدري، أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى، فقال: ((كذبت اليهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه)) (٤) .

ومثلها رواية الترمذي، عن جابر بن عبد الله قال: قلنا: يا رسول الله، إنا كنا نعزل، فزعمت اليهود أنها الموءودة الصغرى، فقال: ((كذبت اليهود، إن الله إذا أراد أن يخلقه لم يمنعه)) (٥) .

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر، والبراء، وأبي هريرة، وأبي سعيد، فقول الصحابة رضي الله عنهم بلسان جابر: إنا كنا نعزل مشعر بأنهم توقفوا عن ذلك بسبب ما بلغهم من قولة اليهود، فلم يقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا التوقف الناشئ عن أكذوبة اليهود، بل أجاب بتفنيد الأكذوبة وبذلك زال المانع المسبب للخوف والانقطاع.


(١) مسلم: طلاق: (٢٩) - أبو داود: نكاح (٤٨) (باب ما جاء في العزل) عدد ٢١٧٣ ابن ماجه: مقدمة (١٠) (باب في القدر) عدد ٨٩ أحمد: ٣/٣١٢ – واللفظ له وهو قريب جدا من لفظ مسلم.
(٢) أحمد: ٤٧/٣.
(٣) مسلم: طلاق: (٢٧) .
(٤) أبو داود: نكاح: (٤٨) (باب ما جاء في العزل) عدد ٢١٧١.
(٥) الترمذي: نكاح: (٣٨) (باب ما جاء في العزل) ، ومثله للإمام أحمد عن أبي سعيد انظر المسند: ٥٣/٣.٥٧/٣.٣٣/٣

<<  <  ج: ص:  >  >>