للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي الفقهاء في العزل: الأصل عند الجمهور هو جواز العزل إلا أنهم اختلفوا في اشتراط إذن الزوجة له أو عدم اشتراطه وذلك على النحو التالي:

نص الحنفية على إباحة العزل بعد إذن الزوجة إذا كانت بالغة إذ غير البالغة لا ولد لها وكالبالغة المراهقة إذ يمكن بلوغها وحبلها وقد نقل ابن عابدين عن بعض كتب المذهب أن الزوج إذا خاف من الولد السوء فله العزل بغير رضاها بسبب فساد الزمان وهذه وجهة نظر الحنابلة أيضا قال ابن قدامة: ولا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها وهل الاستئذان واجب أو مستحب؟ قال القاضي الحنبلي: ظاهر كلام أحمد وجوب استئذان الزوجة في العزل ويحتمل أن يكون مستحبا لأن حقها في الوطء دون الإنزال وإباحة العزل قال المالكية به أيضا وفي مذهب الشافعية ما يؤيد هذا الرأي أيضا.

دليل الجمهور فيما ذهبوا إليه: استدل الجمهور على إباحة العزل للزوج من زوجته سواء من اشتراط منهم إذنها أو لم يشترط بالروايات الصحيحة الواردة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والتي تشعر بجواز ذلك وقد جزم ابن حزم الظاهري بتحريم العزل وقالت الزيدية بكراهيته مستدلين بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن العزل قال: ((ذلك الوأد الخفي)) .

الحالة الثانية: وهي إذا ما تعمدت المرأة إسقاط النطفة بعد تكوينها في رحمها وذلك باستعمال العقاقير الطبية أو إجراء عملية جراحية أو ما أشبه ذلك وهو ما يعبر عنه بالإسقاط أو الإجهاض.

وقبل أن أنقل رأي الفقهاء في الاعتداء على الجنين بما ذكرناه أود أن أبين هنا مراحل تكوين الجنين بقدر ما له صلة بموضوع بحثنا هذا.

أطوار الجنين في الرحم: لقد تناول القرآن الكريم أطوار الجنين في رحم أمه من وقت التلقيح الذي هو أصل التكوين الجنيني حتى مرحلة نفخ الروح فيه وتكوين العظام أو إكسائها باللحم ثم جعله إنسانا كامل الخلقة وكل هذه الأطوار يتناولها قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} . [المؤمنون ١٢-١٤] يتعرض القرطبي في تفسيره للأطوار الثلاثة التي يمر بها الجنين عند بدء تكوينه ويفسر كل طور من هذه الأطوار ومن المفيد أن ننقل ما قاله رحمه الله بهذا الخصوص النطفة: هو المني سمي نطفة لقلته وهو القليل من الماء وقد يقع على الكثير منه، العلقة: وهو الدم الجامد، المضغة: وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ ومنه الحديث "ألا وإن في الجسد مضغة"، والأطوار المذكورة عدتها أربعة أشهر.

وحكي عن العباس قوله: "وفي العشر بعد الأشهر الأربعة ينفخ فيه الروح فذلك عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>