للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما مضى تأكد بأن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوما وذلك محل اتفاق بين جميع العلماء وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام في الاستلحاق عند التنازع وفي وجوب النفقات على حمل المطلقات وذلك لتيقنه بحركة الجنين في الجوف.

رأي العلماء في الاعتداء على الجنين بالإجهاض: بعد هذا العرض لتكوين الجنين في رحم أمه أذكر ما قاله فقهاؤنا رحمهم الله بخصوص جواز إسقاطه أو عدم جوازه وفي أي مرحلة من مراحله يجوز الإسقاط وفي أي مرحلة لا يجوز اتفق الفقهاء على القول بتحريم الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين أما قبل النفخ فقد اختلفت أراؤهم في ذلك على النحو التالي:

أجاز الحنفية في كثير من كتبهم الإسقاط بعد الحمل ما لم تنفخ فيه الروح ولن يتحقق ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوما كما قلنا ولم يشترط أصحاب هذا الرأي من فقهائهم إذن الزوج في الإسقاط قبل المدة المذكورة جاء في الدر المختار (يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بلا إذن الزوج) وحكى ابن عابدين عن بعض كتب المذهب ما يفيد الكراهية إن تم الإسقاط بدون عذر فقد نقل عن الذخيرة ما نصه (لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟ اختلفوا فيه) وكان الفقيه علي بن موسى يقول: إنه يكره فإن الماء بعدما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم ونحو ذلك في الظهيرية.

وقد تشدد المالكية في هذه المسألة إذ منعوا إسقاط الجنين ولو قبل الأربعين يوما على ما هو المعتمد في المذهب جاء في الشرح الكبير للدردير: " ولا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعا ".

أما الشافعية فإن مذهبهم تصوره عبارة البجيرمي نقلا عن ابن حجر إذ يقول: اختلف الشافعية في سبب الإسقاط ما لم يصل لحد نفخ الروح فيه والذي يتجه وفاقا لابن عماد وغيره الحرمة وفرق بين ذلك وبين العزل فإن المني حال نزوله محض جماد ولم يهيأ للحياة بوجه بخلافه بعد استقراره في الرحم وأخذه في مبادئ التخلق ثم يمضي البيجرمي قائلا: إن في بعض الكتب خلاف ذلك أخذا من قول ابن حجر والذي يتجه الحرمة ومقتضى ذلك أن بعض الشافعية يقول بعدم حرمة الإسقاط قبل نفخ الروح وقد نص الشبرامسلي أنهم اختلفوا في جواز التسبب في إلقاء النطفة بعد استقرارها في الرحم وجاء في موضع آخر من نهاية المحتاج اختلف في النطفة قبل تمام الأربعين على قولين: منهم من أجاز ذلك ومنهم من منع.

<<  <  ج: ص:  >  >>