للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الخطيب الشربيني أن المرأة الحامل إذا دعتها الضرورة إلى شرب دواء فشربته ثم أجهضت فينبغي أن لا ضمان عليها في هذه الحالة كما قال الزركشي بخلاف ما إذا صامت فأجهضت فإنها تضمن دية الجنين.

ومن هنا يظهر لي بأن الإجهاض لعذر لا إثم فيه على رأي الشافعية بناء على قول الزركشي هذا وبهذا يتضح أن الشافعية لا يختلفون عن غيرهم ممن قدمنا كثيرا في مسألة العزل وإن كانو يقتربون في مسلكهم الفقهي وذكر الخلافات من مسلك الحنفية على ما أوردناه ويصور لنا ابن قدامة مذهب الحنابلة فيقول: تجب في الجنين إذا سقط من الضربة ميتا وكان من حرة مسلمة الدية وقيمتها خمس من الإبل ولا فرق بين أن يخرج جميع أجزاء الجنين من الضربة أو بعضه ولو أن رجلا ضرب حاملا أو ضرب من في جوفها حركة أو انتفاخا فأسكن الحركة وأذهبها لم يضمن الجنين معللا ذلك بقوله: لأن الحركة يجوز أن تكون لريح في البطن سكنت ولا يجب الضمان بالشك فإن أسقطت المرأة من جراء الضربة ماليس فيه صورة آدمي فلا شيء فيه لعدم التيقن من كونه جنينا وإن ألقت مضغة فشهد ثقات من القوابل أن فيه صورة خفية ففيه غرة وإن شهدت أنه مبتدأ خلق الآدمي لو بقي تصور، ففيه وجهان: أحدهما لا شيء فيه لأنه لم يتصور فلم يجب فيه كالعلقة؛ ولأن الأصل براءة الذمة فلا نشغلها بالشك ومن خلال ما قاله ابن قدامة هنا بعدم إلزام الضارب بشيء فيما لو أسقط ما لم يتصور أو كان نطفة أو علقة يظهر بان الحنابلة لا يختلفون عن غيرهم من الفقهاء الآخرين في القول بجواز إسقاط الجنين ما دام في مراحل تكوينه الأولى من نطفة أو علقة بخلاف ما لو تصور بمعنى بان خلقه.

ويرى الظاهرية كما يصور مذهبهم ابن حزم بقوله: صح أن من ضرب حاملا فأسقطت جنينا فإن كان قبل الأربعة أشهر فلا كفارة في ذلك وإن كان الإجهاض قد حدث بعد الأربعة أشهر فإنه يوجب مع الغرة الكفارة التي هي كفارة القتل الخطأ لأن الجنين بعد مضي أربعة أشهر يكون قد نفخت فيه الروح الإنسانية وفي مذهب الزيدية ما يؤيد اتجاه الفقهاء الآخرين فيرون كما يحكي مذهبهم صاحب البحر الزخار أنه يجوز إلقاء النطفة والعلقة والمضغة لأنه لا حرمة لهذه الأشياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>