للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة الآراء: ومن كل ما عرضنا في هذا الموضوع يتبين أن الاتجاه لا تختلف فيه وجهة النظر في أن الإجهاض بعد نفخ الروح عمدا محرم شرعا وقد حكى اتفاق العلماء هذا ابن قدامة حيث قال:: (وإذا شربت الحامل دواء فألقت جنينا فعليها غرة) .

وقد انفرد الزركشي من أئمة الشافعية بجواز ذلك للأم عند الضرورة كما حكاه الخطيب الشربيني، والذي أشرنا إليه سابقا، أما قبل نفخ الروح في الجنين فقد اختلفت وجهات نظرهم على ما بينا.

والذي أرجحه في هذه المسألة هو حرمة الاعتداء على الجنين بعد نفخ الروح فيه بأي وسيلة كانت بشرب دواء من الأم، أو بإجراء عملية جراحية، أو غير ذلك فيما لو تأكد لنا بث الروح فيه؛ لأن الإجهاض عليه إزهاق لروحه وهذ لا يجوز وما ذهب إليه الزركشي من جواز ذلك عند الضرورة ينقصه الدليل.

أما قبل نفخ الروح في الجنين فإن دعت الضرورة لإسقاطه كالخوف على هلاك الأم من مرض أو ما أشبهه فلا أرى مانع من إسقاطه، أما إجهاض لغرض تنظيم النسل بعد استقراره في رحم المرأة فلا أرى جوازه؛ لأنه ليس بضرورة، إذ بإمكان الزوجين الأخذ بالوسائل المشروعة لتنظيم النسل والتي فصلنا فيها القول عند كلامنا عن العزل.

في ختام بحثنا لموضوع النسل وتحديده أود أن أبين ما يلي:

أولا: إن تنظيم النسل وتحديده بالوسائل المشروعة التي تطرقنا إليها خلال البحث وقبل تكوين الجنين في رحم المرأة ينطبق عليه حكم العزل الذي فصل العلماء فيه القول وقد أباحه جمهورهم على أن لا يتخذ ذلك ذريعة لمنع الحمل بصورة دائمة؛ لأنه يتنافى مع توجيهات الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى تكثير النسل.

ثانيا: بعد استقرار الماء في رحم المرأة وأخذ دوره التكويني سواء كان في طوره الأول النطفة أو الثاني العلقة أو الثالث المضغة وقبل نفخ الروح فيه فلا يباح إسقاطه إلا إذا دعت الضرورة إليه كما ذكرنا ذلك قبل قليل.

ثالثا: وبعد بث الروح في الجنين ويعرف ذلك عن طريق الأم أو إخبار طبيبة أو مولدة فلا أرى جواز إسقاطه لأي سبب من الأسباب لما فيه من إزهاق روح وهو محرم شرعا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>