للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسا: إننا نعيش في عصر لا تتباهى فيه الأمم بكثرة أفرادها ولا باتساع أراضيها وإنما نحن نعيش في عصر تتنافس فيه الأمم بالاختراع والابتكار ووفرة الإنتاج والتقدم العلمي بشتى صوره وألوانه هذا التقدم الذي يجعل احتياج الغير إليك أكثر من احتياجك إليه ونحن نشاهد أمما أقل عددا من غيرها ولكنها أقوى وأغنى من ذلك الغير، والأمثلة على ذلك يعرفها عامة الناس فضلا عن علمائهم.

سابعا: من مزايا شريعة الإسلام أن الأمور التي لا تختلف المصلحة فيها اختلاف الأوقات والبيئات والاعتبارات تنص على الحكم فيها نصا قاطعا كتحليل البيع وتحريم الربا أما الأمور التي تخضع فيها المصلحة للظروف والأحوال فإن شريعة الإسلام تكل الحكم فيها إلى أرباب النظر والاجتهاد والخبرة في إطار قواعدها العامة، ومن هذه الأمور مسألة تنظيم الأسرة فإنها من المسائل التي تختلف فيها الأحكام باختلاف ظروف كل أسرة وكل دولة وباختلاف إمكانياتها، فمثلا هناك دول في حاجة إلى الكثرة البشرية؛ لأن وسائل الإنتاج والرقي فيها تحتاج إلى هذه الكثرة القوية وأمثال هذه الدول يقال لها مرحبا بهذه الكثرة القوية المؤمنة العاقلة وهناك دول لا تحتاج إلى الكثرة في عدد أفرادها؛ لأن هذه الكثرة موجودة، ولأن إمكانياتها لا تتحملها، ولأن السواد الأعظم من أفرادها يعيش على جهود القلة فيها، ولأنها مع كثرتها تستورد من غيرها معظم ضروريات حياتها وأمثال هذه الدول يكون تنظيم الأسرة فيها أمرا مرغوبا فيه، إننا مرة أخرى نقول: إن الكثرة الصالحة المنتجة القوية مرحبا بها، أما الكثرة الهزيلة الضعيفة الشاردة عن الطريق القويم المعتمدة في كثير من ضروريات حياتها على غيرها فالقلة خير منها.

بعد هذه الحقائق التي أرجو أن تكون محل اتفاق نحب أن ندخل إلى موضوع تنظيم الأسرة والنسل بأسلوب السؤال والجواب فنقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>