للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك فإن كثيرا من العلماء يرون أن تحديد النسل الجماعي ليس معناه جبر الأمة أو جبر إقليم من أقاليم البلاد على اتخاذ تدابير معينة لتحديد النسل للوصول إلى نسبة ولادية معينة فهذا مما لا يجيزه الشرع قطعا بل معناه توعية الآباء والأمهات بمسئولياتهم الزوجية والأبوية وإقناعهم بهذه المسئولية المرعية حتى يصبحوا أكثر احتياطا لمستقبل أولادهم وأحرص على الاكتفاء بعدد من الأولاد حسب قدراتهم المادية والأدبية، وحتى يمدوا المجتمع بجيل قادر على مواجهة مشاكل الحياة؛ لأن من اهتمامات الشريعة الوصول بحياة المجتمع إلى المثل الأعلى ولا يتم ذلك إلا بتدخلها تدخلا مباشرا في تنظيم الأسرة وإخراجها من دائرة الحيرة والفوضى والتعسف إلى دائرة الوعي والنشاط والإنتاج وذلك بتوعيتها توعية دينية واجتماعية وطبية تدفع الضرر الذي يلحق الزوجة أو الأمة من جراء الإنسان الأهوج وإطلاق الحرية غير الواعية في تحسين النسل وكثرته؛ لأن الكثرة الهزيلة التي تتملكها عوامل الضعف والانهيار كثرة لا خير فيها، فالدعوة إلى تنظيم الأسرة لا يجوز أن تكون دعوة إلى محاربة الزواج أو محاربة النسل، فوجود الذرية بين البشر أمر فطري لابد منه، والقرآن نفسه يوجهنا إلى الذرية الطيبة الصالحة النافعة والمنتفعة ويوجهنا أن ندعو ربنا بدعاء زكريا {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: ٣٨] كما علم عباد الرحمن أن يدعوه ليهبهم الذرية القوية الصالحة لقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤] ، وإنما تكون الذرية سببا للسعادة إذا كانت سليمة قوية ومستعدة لخوض غمار الحياة، ولا خلاف بين الفقهاء في أن الإسلام يشترط في الزواج أن يكون الرجل صالحا للنهوض بواجبه قادرا على تحمل تبعاته، فإن كان عاجزا غير قادر طالبه بالتعفف والانتظار حتى يتوافر لديه المال والاقتدار لقول الله تبارك وتعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} ... الآية [النور: ٣٣] ، وإذا أباح عدد من العلماء توعية الأسرة توعية دينية واجتماعية قصد تعريفها بحقوقها وواجباتها إزاء الأخطار التي تهدد حياة المجتمعات، فلا ينبغي أن يقتصر جهدنا على هذا الجانب وحده بل يجب أن نبذل كل الجهود لمضاعفة الإنتاج وتطوير الصناعة والزراعة ومواصلة السعي لكسب خيرات الأرض.

الرئيس:

يا شيخ مصطفى معذرة أنا أحب أن يكون تعقيدا عاما وهو أن الإخوان المشايخ الذين يأخذون الكلمة هو للمناقشة لا لقراءة ملخص البحوث.

الشيخ مصطفى كمال التارزي:

على كل الموضوع الذي أريد أن أتكلم عنه زيادة على هذا هو موضوع الشبهات التي تثار حول الإنجاب وحول تدخل الصهيونية، أو تدخل هذه الدول الأجنبية فإن هذا التدخل هل وقع بالفعل أو لم يقع؟ ينبغي أن نأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار أولا في بلادنا، ونقدر الطاقات التي نملكها، ونقدر القدرات المادية التي لدى الدولة هل تستطيع أن تأخذ قرارا في هذا الموضوع؟ ثم هذه الشبهات التي تثار حول مشاركة بعض الدول كالدول الغنية هذه التي تريد التنقيص من عدد المسلمين ينبغي أن تدرس دراسة موضوعية؛ لأننا نقرؤه في الكتب وفي المجلات، ولكن لا نرى بحثا مستفيضا في هذا الموضوع بحثا اقتصاديا أو بحثا ديموغرافيا صحيحا، ينبغي أن تدرس هذه المواضع دراسة موضوعية حتى نتمكن من أخذ قرار نهائي بعد أن توضح لنا كل الجوانب في هذا الموضوع والسلام عليكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>