للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا قد يأتي سؤال أو قد يطرح سؤال: هل هذا الأمر أمر الإنجاب وأمر الأولاد هو حق من حقوق الأسرة فقط؟ أو للدولة حق فيه؟ وإذا كان للدولة حق فيه فللدولة أن تتدخل حينئذ من فقهائنا من ذهب إلى أنه حق للأب باعتباره أنه القوام على الأسرة وأنه المسئول عن تربية الأبناء، وأنه هو الذي يقدر المسئولية ولذلك الأمر يرجع إليه، ومن العلماء من ذهب في إعطاء المرأة حقها في الموضوع وتحميلها المسئولية كأشد ما يكون اتجاهاتنا العصرية اليوم بحيث يعتبر أن الأمر للزوجة ولا بد أن تستأمر في ذلك ولا بد أن تستأذن ويحرم على الزوج أن يعزل عنها إن لم توافقه على ذلك، وإذا كان الأمر كذلك حينئذ يصبح الأمر شورى والأمر من تدبير الأسرة من تدبير الزوج والزوجة يعني يفعلان ما يتناسب مع وضعهما ومع حالهما الأسري، أما الدولة: الدولة بالطبع لها الإشراف العام ولكن كما تشرف الدولة على الفلاحة وإذا قلنا الدولة تشرف على الفلاحة ليس معنى ذلك أن تأخذ الجرار أو تأخذ المعول أو هي التي تسقي أو تحرث أو تزرع وإنما لها التوجيه والتوجيه يكون توجيها رشيدا وإلا فلا يكون التوجيه معناه: التوجيه إلى السداد وإلى الرشاد والذي تنتفع به كل أسرة سواء في ذلك الأسرة التي يلائمها تحديد النسل أو الأسر التي لا يلائمها ذلك بحيث تتجه الدولة بسداد ورشاد في هذا المنهج والأسر الواعية بعد توعيتها تطبق وتنفذ.

القضية مثل ما قلت: فقهاء المسلمين قد ذهبوا فيها إلى أبعد مما نظن وإلى أبعد مما يظن العلماء المعاصرون في هذا العصر حتى إنهم في مسألة وهي المسألة التي أنتقل إليها من قضية الإجهاض مثلا يبين العلماء أن حياة الجنين في بطن أمه حياتان على خلاف ما تقرره المسيحية، فهنالك حياة بيولوجية حياة جراثيم وهي حياة ما يسمى بحياة الإعداد والنمو خلايا تنمو وتنقسم على بعضها، وهنالك حياة إنسانية للجنين وهي حياة ما بعد نفخ الروح وهي الحياة المحترمة المكرمة، ومن هنا جاء قول الفقهاء الذين يقولون بجواز الإجهاض ولكن ليس جوازا مطلقا جواز مع وجود الداعي يعني قبل المائة والعشرين يوما الأربعة أشهر، وأما بعد ذلك فهي الحرمة باتفاق جمهور العلماء إلا للضرورة، والضرورة كأن تكون حياة الأم في خطر فيعمد إلى الإجهاض ولو بعد الأربعة أشهر لإنقاذ حياة الأم بناء على القاعدة التي تقول: لا يبقى على الفرع بطريق إعدام الأصل. حينئذ الكتب الفقهية، الأحاديث فيها من المادة الزاخرة المهمة ما يفتح لها أمامنا باب الاجتهاد ولكن مع التروي حتى يكون ما يصدر عن هذا المجلس الموقر المحترم وعن هذا المجمع الكريم هو تشريع للأمة الإسلامية التي تنتظره وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>