للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و من أهم التصرفات التي يدخلها الوعد ويسن الوفاء بها أو يجب على اختلاف الفقهاء فيها كما سيأتي: هي التصرفات التي تدخل تحت التبرعات كالهبة والعارية، والصدقة والقرض، وما شاكلها.

أما التصرفات التي تدخل تحت المعاوضات المالية: كالبيع والإجارة، وما شابهها، وقد ألحقوا فيها النكاح: فإن الوعد بها لا يلزم ولا يثبت، كما لا يلزم الوفاء بها.

فقد نقل عن الحطاب المالكي أنه قال: (مدلول الالتزام لغة، إلزام الشخص نفسه ما لم يكن لازما له. وهو بهذا المعنى شامل للبيع والإجارة والنكاح وسائر العقود، وأما في عرف الفقهاء: فهو إلزام الشخص نفسه شيء من المعروف مطلقا أو معلقا على شيء. فهو معنى العطية، وقد يطلق في العرف على ما هو أخص من ذلك، وهو إلزام المعروف بلفظ الالتزام. وهو الغالب ... ) .

ونقل عن الإمام مالك أنه قال: من ألزم نفسه بمعروف لزمه، فإن البيع والإجارة والنكاح لا تدخل في دائرة وإنما الواعد يأخذ عوضًا عما يعد به فهي من المعاوضات.

وإن استعمل الواعد بصيغة الاستقبال التي هي بمعنى الوعد المجرد، مثل أن يقول: - سأبيع منك هذا بمبلغ كذا، فلا ينعقد بها البيع، لأن الوعد المجرد هو في معنى المساومة في البيع، فالبيع وأمثاله من المعاوضات تعتمد جزم الإرادتين في مجلس العقد بإيجاب وقبول مفيد للبت فيه بصيغة لا تسويف فيها، فإذا انتفت دلالة الصيغة على وقوع الارتباط والتعاقد فلا عقد ولا التزام، ولذا قرر الفقهاء المعاصرون أن الوعد بالبيع ينعقد به البيع ولا يلزم صاحبه قضاءً.

وأما الوعد بعقد النكاح فلا ينعقد به النكاح قطعا، ولا يلزم الواعد الوفاء فيه بوعده لم له من الاحتياط في هذا المضمار، ولكنه قد يلزم عليه الغرامات التي لحقت الطرف الآخر بسبب ذلك الوعد. فلا إلزام في عقود المعاوضات المالية، ولا فيما ألحق بها، لأن الفقهاء قاطبة قد اتفقوا على أن طريقها الجزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>