للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث: أقوال الفقهاء المشهورين في الوعد:

أ- المذهب الأول: وجوب الوفاء بالوعد مطلقا.

وهو رأي الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فقد قال القاضي أبو بكر ابن العربي الأندلسي: أجل من ذهب إلى هذا المذهب عمر بن عبد العزيز. ذكره الإمام النووي في الأذكار.

وهو قول الحسن البصري، ومذهب الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه، ورأي الإمام إسحاق بن راهويه، ورأي الفقيه المالكي المشهور ابن شبرمة، وبه قضى القاضي سعيد بن عمر بن الأشوع الهمداني.. وغير هؤلاء من السلف والخلف كما في " فتح الباري " و" عمدة القاري" و" المحلي".

فكل هؤلاء يقولون ما معناه: إن الوعد ملزم مطلقًا ويجب الوفاء به ديانة وقضاء، وقد حكى ابن حزم في " المحلى" عن ابن شبرمة أنه قال: " الوعد كله لازم، ويقضى به على الواعد، ويجبر". وذكر البخاري في صحيحه بأنه قول الحسن البصري وأن القاضي سعيد بن الأشوع قضى بوجوب إنجاز الوعد، وأن وجوب إنجاز الوعد هو مذهب الصحابي سمرة بن جندب. وأنه رأي ابن راهويه.

ووجوب الوفاء بالوعد مطلقا مذهب بعض المالكية ووصفوه بأنه مذهب ضعيف ولكن الفقيه المالكي ابن الشاط صحح هذا المذهب في حاشيته على الفروق.

وإليه ذهب العلامة تقي الدين السبكي الشافعي كما ذكر ابنه تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى.

وقال الإمام الغزالي الشافعي – رحمه الله: " إذا فهم الجزم في الوعد فلابد من الوفاء به إلا إذا تعذر، وقد يفهم الجزم في الوعد إذا اقترن به حلف أو إقامة شهود على الوعد أو قرائن أخرى ... ".

وذهب إلى ذلك – أيضا- القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي كما ذكره القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القرآن ".

وحكى ابن رجب الحنبلي في كتابه " جامع العلوم والحكم" وجوب الوفاء بالوعد مطلقا عن طائفة من أهل الظاهر وغيرهم.

وهو وجه صحيح من مذهب العلامة تقي الدين ابن تيمية ٠. كما في شرح المقنع.

ومن هذه الأقوال نعلم: أنه يوجد في كل مذهب من المذاهب الفقهية أكثر من فقيه مشهور يقول بلزوم الوعد ووجوب الوفاء به ديانة وقضاء إلا لعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>