للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- أدلة هذا المذهب الأول:

لقد استدل القائلون بهذا القول بنصوص من الكتاب والسنة النبوية:

١- منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف٢-٣] فذكر المفسرون كابن كثير الشافعي في تفسيره الكبير أنه يحتج بالآية على أن من ألزم نفسه عقدا لزمه الوفاء به، والوعد مما ألزم الإنسان على نفسه به مع وجود الخلاف في الوجوب أو الاستحباب. كما في "الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي، و"أحكام القرآن " للجصاص.

وذكر الفقهاء في هذه الآية: أن الذين أوجبوا الوفاء بالوعد وجه استدلالهم بالآية أن الواعد إذا وعد، ثم أخلف، فإنه قال قولًا ولم يفعل، فيكون داخلًا في استنكار الآية الكريمة، فليزم أن يكون وعده كذبا، والكذب محرم إجماعا فيكون إخلاف الوعد محرما لا محالة فلزم الوفاء به خروجا من وصف الكذب، كما في كتاب الفروق والمحلى.

٢- ومنها: قوله تعالى {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧] ووجه الاستدلال بهذه الآية وغيرها: أن الله سبحانه وتعالى أمر بالوفاء بكل من الوعد والعهد والعقد في جميع الأديان السماوية، فحافظ عليه الرسل المتقدمون منهم والمتأخرون، فمدحهم سبحانه وتعالى بوفائهم بوعودهم وصدقهم فيها. حيث قال في حقهم {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: ٣٧] وقال {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} [مريم: ٥٤] وفي شريعتنا ما يؤكد الوفاء بالوعد دائما- مثل قوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} [الروم: ٦] وقوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: ٢٠] وقوله جل وعلا- في أكثر من سورة في القرآن الكريم (أن وعد الله حق) فمن هذه الآيات وأمثالها نعلم أن الله سبحانه قطع على نفسه الوفاء بما وعد لعباده من وعد ووعيد فعلى العباد الوفاء بوعودهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>