للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ- العدة: العدة في لغة العرب معناها الوعد، يقال: وعدت فلانًا بكذا ... والاسم منه العدة، فالعدة اسم منقوص من الوعد يحمل معناه دون زيادة أو نقصان، أما في الاصطلاح الفقهي، فقد درج على استعمالها المالكية بدلالة خاصة وهي الإعلان عن رغبة الواعد في إنشاء معروف في المستقبل يعود بالفائدة والنفع على الموعود، قال الحطاب في كتابه " تحرير الكلام في مسائل الالتزام " وأما العدة فليس فيها إلزام الشخص نفسه شيئا الآن، وإنما هي كما قال ابن عرفة إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل.

فالعدة إذن عند فقهاء المالكية هي عبارة عن تصرف شرعي قولي يتم بالإرادة المنفردة قوامه تعهد شخص بلفظ الأخبار بأن يسدي لغيره معروفا مجانا دون مقابل، في المستقبل لا في الحال.

أما حكم العدة من حيث وجوب الوفاء بها قضاء أو ديانة أو استحباب ذلك، فقد اختلف الفقهاء في ذلك على خمسة أقوال:

أحدهما: يقضى بها مطلقا، وهو مذهب القاضي سعيد بن أشوع الكوفي الهمذاني، وقول عند المالكية، ورأي ابن شبرمة كما نقل ابن حزم في المحلى.

والثاني: يجب الوفاء بها ديانة لا قضاء، وهو رأي الإمام تقي الدين السبكي الشافعي، قال: ولا أقول يبقى دينا حتى يقضى من تركته، وإنما أقول يجب الوفاء تحقيقا للصدق وعدم الإخلاف، وقد استشكل الحافظ ابن حجر هذه المقولة فقال: وينظر هل يمكن أن يقال يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء؟ أي يأثم بالإخلاف. وإن كان لا يلزم بوفاء ذلك؟ أي في القضاء، فأجاب الإمام السخاوي على ذلك في جزئه المسمى " التماس السعد في الوفاء بالوعد" فقال: قلت ونظير ذلك نفقة القريب، فإنها إذا مضت مدة يأثم بعدم الدفع ولا يلزم به، ونحوه قولهم في فائدة القول بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، تضعيف العذاب عليهم في الآخرة مع عدم إلزامهم بالإتيان بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>