للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى العلامة الحموي في شرحه على الأشباه والنظائر: إن الوعد إذا صدر معلقا على شرط، فإنه يخرج عن معنى الوعد المجرد، ويكتسي ثوب الالتزام والتعهد، فيصبح عندئذ ملزما لصاحبه، قال: لأنه إذا كان معلقا يظهر منه معنى الالتزام، كما في قول: إن شفيت أحج، فشفي يلزمه. ولو قال: أحج، لم يلزمه بمجرده، على أن الحنفية إنما اعتبروا الوعود بصور التعاليق لازمة إذا كان الوعد مما يجوز تعليقه بالشرط شرعا حسب قواعد مذهبهم، حيث إنهم أجازوا تعليق الإطلاقات والولايات بالشرط الملائم دون غيره، وأجازوا تعليق الإسقاطات المحضة بالملائم وغيره من الشروط، أما التمليكات- كالبيع والإجارة والهبة ونحوها – وكذا التقييدات، فإنه لا يصح تعليقها شرعا بالشرط عندهم، فليتأمل.

وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن النافين لوجوب الوفاء بالوعد حيث نفوه:

أ- حملوا المحظور الذي نهى الله عنه ومقت فاعله عليه في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} على من وعد وفي ضميره ألا يفي بما وعده، أو على الإنسان الذي يقول عن نفسه من الخير ما لا يفعله.

ب- وأجابوا على استدلال الموجبين للوفاء بالوعد المجرد بحديث ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)) بأن ذم الإخلاف إنما هو من حيث تضمنه الكذب المذموم إن عزم على الإخلاف حال الوعد، لا إن طرأ له، وقال الغزالي: وهذا ينزل على من وعد وهو على عزم الخلف أو ترك الوفاء من غير عذر، فأما من عزم على الوفاء، فعن له عذر منعه من الوفاء لم يكن منافقا، وإن جرى عليه ما هو صورة النفاق.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>