للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني:

بسم الله الرحمن الرحيم.

إن قضية الوفاء بالوعد على حقيقتها يجب ألا تحمل على أكثر مما حدده العلماء في تعريف الوعد، فقد عرفه العلامة المالكي ابن عرفة: بأنه إخبار عن إنشاء معروف في المستقبل، وكذلك عرفه العيني الحنفي: بأنه إخبار عن إنشاء خير في المستقبل، ومن هذا التعريف يتضح بأن الوعد مقصور على الخير وعلى المعروف.

أما قضية المعاوضات فإن أحكامها واضحة، وإن للعقد أحكامه فلا يجب ولا ينبغي أن يسري حكم الوعد عليه، فقد اتفق الفقهاء على استحباب الوفاء بالوعد دينيا وأخلاقيا ويقابل ذلك قول آخر مفاده وجوب الوفاء بالوعد ديانة وقضاء وبدون تفصيل- أي على إطلاقه – ولكن هذا يمكن أن يناقش، فقول من أوجب الوفاء بالوعد مطلقا عند المالكية لا ينصرف إلى المعاوضات بوضوح ظاهر، وقد صرح بذلك الحطاب في كتابه " تحرير الالتزام" صرح: بأن الوعد لا يشمل المعاوضات كالبيع والإجارة ولا يشمل النكاح وإنما الخلاف الذي دار بين فقهاء هذا المذهب هو في نطاق التبرعات، فمنهم من أوجبه مطلقا، ومنه من أوجبه إذا دخل الموعود على سبب، ومنهم من أضاف أو من أقتصر على وجود السبب بدون دخول الموعود في مباشرة الأسباب فيما وعد فيه، هذا خلاف المالكية وهو لا يحتاج إلى مزيد فهو واضح بالتصريح.

يبقى لدينا قول من أطلق القول وهو: ابن شبرمة، وابن الأشوع. فقد ورد عنهما القول بالإطلاق بدون تفصيل. ويبدو لنا أن هذا الإطلاق مقيد ولا يسري على إطلاقه.

أولًا: إن تعريف الوعد يقيده كما عرفه العلماء ابن عرفة والعيني وغيرهما فقد قيدوا الوعد بأنه في المعروف وإنه في الخير والمعاوضات في الاصطلاح الفقهي لا يسري عليها هذا المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>