للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله محفوظ بن بيه:

الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مسألة الوعد أنا أوافق الأخ أظنه محمد رضا الذي تحدث عن مذهب مالك وقال إن الوعد لا يجب في مذهب مالك فيما يتعلق بالمعاوضات وإن نصوص المذهب وظواهره كلها تدل على أن الوعد إنما يعتد به في المعاوضات أو ما يشبهها أو ما هو في التبرعات أو ما هو من قبيل التبرعات، كالخلع، مثلا. خليل يقول: أو الوعد إن ورطها – أي أدخلها في ورطة – فإن الخلع يجب حينئذ بالوعد لأنه يجوز له أن يطلقها بغير عوض، أما في المعاوضات فقد تتبعنا سائر المسائل في المذهب فما وجدنا مسألة واحدة يوجب فيها الوعد عقدا وإنما هو وعد وليس عقدا كل نصوص المذهب وكل شروحه متواردة متواطئة على هذا لا يشذ منها شيء.

والكلام الذي نقل عن الونشريسي هو في جواز الوعد وليس في لزوم الوعد.

فيجب أن نتحرى الدقة فيما ننقله عن العلماء.

هذه المسألة بنيت عليها أحكام وهذه الأحكام بنيت على أساس لا وجود له وعزيت إلى مذهب مالك وليست في مذهب مالك، إنما الذي في المذهب هو لزوم الوعد على قول من سبعة أقوال ذكرها الحطاب في التزاماته وذكر غيره أربعة أقوال: ذكرها خليل في توضيحه، ونظمها الزقاق في المنهج فقال: هل يجب الوفاء بالوعد؟ نعم أو لا فهذه الأقوال كلها إنما تتعلق بالتبرعات لأن المعاوضات إذا كان ينوي منشئها إلزاما فقد نشأ الإلزام. فمن قال بعتك أو أبيعك قاصدا إنشاء البيع لزمه إنشاء البيع. وهذه مسألة نعرفها حتى في النحو وحتى في البلاغة. إن هذه الجملة الخبرية تتحول إلى جملة إنشائية إذا قال أبيعك أو أزوجك قاصدا إنشاء البيع. أما الوعد فإنه لا يلزمه شيء من ذلك. هذا هو أصل مذهب مالك.

أود فقط أن أشير إلى مسألة لعلها لغوية وهي الفرق بين الوعد والعدة. لا فرق بينهما فهما مصدران لوعد والتاء هنا نائبة عن فاء المصدر كما تقول ونقه ونقا ونقة إذا أحبه ووجد به وجدا وجدة إذا حزن عليه وأسف. فلا فرق والكلمة لا تتضمن معنى زائدا على كلمة وعد، والعلماء فرقوا بين وعد وعقد ومذهب مالك لا يوجد فيه هذا الكلام، فنحن نشكر من يقدم لنا شيئا في مذهب مالك، ولعل الأصح في مذهب مالك والأقرب إلى الصواب أن يبيعه ولو باعه ما لا يملكه فهو أمر قد يكون مكروهًا في مذهب مالك إذا كان متوفرا في السوق كما نص عليه ابن رشد في المقدمات الكبرى صفحة ٥١٧ نص على أن مالكًا خفف ذلك إذا كان المبيع موجودا في السوق، فهذا أولى من التشبث بوعد لا وجود له وبعقد لا يستند إلى عهد. وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>