للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرئيس:

شكرا. ما أشار إليه الأستاذ على أن البحوث تكاد تكون متفقة على وجوب الوفاء، أظن أن هذا غير مسلم به. البحوث واضحة وهي أمامنا ويكاد الأكثر من البحوث- لأننا قرأناها وتتبعنا ما فيها – ينص على عدم الوجوب والتفصيل معلوم.

الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم.

بعد أن استمعنا إلى بحث الدكتور نزيه حماد وهو بحث مستوف جميع جوانبه من الناحيتين الموضوعية والتوثيقية وهو من أدق البحوث التي نقلت لنا الثروة الفقهية الموجودة في كتبنا العظيمة بكل أمان واطمئنان، ولكن إيراد الخلافات وعرضها بهذا الشكل الممتاز لا يعفينا من ضرورة تلبية الحاجة الملحة في عصرنا الحاضر وهو الوفاء بالوعد في مجال المعاملات.

كلنا نعلم كما تفضل الإخوة الذين عقبوا أن الوفاء بالوعد من مكارم الأخلاق ومن أصول الإسلام ومن مفاخرة أيضا وهو مما أشاد به الإسلام وأقرت به الأعراف العربية السابقة التي كانت تفاخر بهذه الفضيلة العظيمة، فهذا مما لا شك فيه ولكننا بحاجة إلى أن نبين ونركز على ضرورة الوفاء بالوعد في مجال المعاوضات لأن الدوافع والبواعث التي أملت على المجمع والظروف التي أحاطت به في أن يعرض هذا الموضوع هو تلبية الحاجة إلى هذا البحث في مجال المعاملات.

فلذلك كنا نود من الأخ الدكتور نزيه أن يبين لنا بما عرف عنه من دقة وموضوعية الرأي الراجح في هذا الموضوع ويركز سواء بالأخذ بالآراء التي هي وإن كانت تمثلها القلة الفقهية يركز على هذه الناحية ويدعمها بالأدلة الواضحة الصريحة التي هي جاءت في الحقيقة في مكارم الأخلاق وفي التبرعات، فهل يمكننا النقلة السريعة من هذا المجال إلى مجال المعاوضات وبالتالي نصل إلى إلزام الواعد بالوفاء بوعده لا سيما إذا أدخله في ضرر؟ الحقيقة نحن نميل في الوقت الحاضر إلى رأي المالكية في هذا الجانب فهو ملب للحاجة ومطابق لما تقتضيه أعراف الناس وعاداتهم في الوقت الحاضر، خصوصا وأن الآخرين ينتظرون ممن يحملون شريعة الله أن يكونوا مثلا عليا في الوفاء بالوعد وفي عدم إلحاق الضرر بالآخرين وفي الالتزام أيضًا بكل ما ألزموا به أنفسهم إذ لا ملزم لهم غير الكلمة التي أصدروها من قبل أنفسهم دون إكراه ودون اضطرار ودون إلجاء.

لهذا كله نحن نرحب بأن يكون هناك مجال للترجيح في مثل هذه الآراء الفقهية المتناثرة حتى تكون الصورة واضحة وأن نعتمد على الرأي الذي يمكن أن نفتى به ونوصى به أو يُصدر لنا قرار في مجاله في هذا الموضوع المهم جدا والذي أصبح هناك تطلع إلى معرفة الحكم الشرعي الذي ينبغي أن يصدر عن مجمعنا بشكل حاسم نسبيا. والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>