للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرابحة الملزمة والحيل

يتوسع بعض المذاهب، أو بعض الفقهاء، في الأخذ بالحيل الفقهية في المعاملات المالية وغيرها، حتى تشعر أنك أحيانا أمام جملة من الألاعيب والأبواب والمخارج المضحكة والمبكية في آن واحد معا.

ومن أحسن من تصدى لهذه الحيل شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب إقامة الدليل على إبطال التحليل"، المطبوع مع الفتاوى الكبرى طبعة دار المعرفة، ج٣، ص٩٧ –٤٠٥، وغير المطبوع مع الطبعة السعودية للفتاوى، وكذلك تلميذه ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين "، فإني أرتضي مذهبهما في محاربة الحيل، حفاظا على جمال الشريعة وكمالها، وحفاظا على جدية المسلمين وأصالتهم، ودفعا لهم إلى الابتكار والبعد عن التقليد والتلفيق والدوران في آفاق محدودة.

وقد استشهد بعض أنصار الإلزام بالوعد في المرابحة بحديث التمر ((بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا)) (متفق عليه) ، ورأوا أن الفرق بين (التمر بالتمر) و (التمر بالنقد، ثم النقد بالتمر) مجرد فرق في الصورة (القرضاوي في كتابه ص ٤٤ – ٤٥) .

وهذا غير مسلم، لأن الذي باع الجمع بالدراهم، هو بعد ذلك قد يشتري الجنيب من هذا البائع نفسه أو من غيره. ولو كان ملزما بالشراء من البائع نفسه لأمكنهم القول أنه مجرد فرق في الصورة، ولكن هيهات!

للشريعة مقاصد، وللعقود مقاصد، لابد من الحفاظ عليها. ومقصد العميل من اللجوء إلى المصرف هو الحصول على المال. نعم له غرض بالسلعة المطلوبة، ولكن غرضه يتحقق باللجوء إلى بائعها مباشرة، ولولا حاجته للمال لما لجأ إلى المصرف. والمصرف إذا كان مصرفا فعلا فلا غرض له من التعامل بالسلع، يقبضها حقيقة لإعادة بيعها في زمان آخر أو مكان، كتجار السلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>