للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمطلوب من السادة فقهاء المالكية شرح هذه المسألة، ثم لو قطعنا النظر عن مذهب المالكية فإن عند الحنفية رحمهم الله نظرية مشروحة في كتبهم وهي أن المواعيد ربما تجعل لازمة لحاجات الناس، وقد ذكروا هذه القاعدة في ضمن البيع بالوفاء، حينما وعد الرجل بالوفاء فإن ذلك وعد محض ولكن ذكر كثير من فقهاء الحنفية أن هذا الوعد ملزم، وعلى أساس هذه الجزئية جاءت مادة في مجلة الأحكام العدلية تقول: إن المواعيد ربما تجعل لازمة لحاجة الناس.

ثم هناك ناحية أخرى لم يذكرها الباحثون، وهي أن الوعد سواء، إن كان واجبًا أو مندوبًا أو مستحبًا، فإنه لا يقل عن أن يكون مباحًا، ومن المعروف أنه لو ألزم ولي الأمر مباحًا على الشعب فإنه يكون واجبًا عليه، فلو ألزم ولي الأمر إيفاء الوعد في هذه المعاملات نظرًا إلى المصلحة الشرعية، لا أرى في القرآن ولا في السنة والدلائل الشرعية الأخرى ما يمنع ذلك، هذا بالنسبة لمسألة الوعد.

أما عقد عملية المرابحة كما تجريه الآن المصارف الإسلامية، فأتفق مع الذين ذكروا أن هذه المعاملة إنما تجوز بشروطها، والشرط الأول: أن تكون المعاملة في البضاعة حقيقة لا في النقود، والثانية: أن يقع عقد المرابحة بين المصرف وبين العميل بعد أن يمتلك البنك البضاعة وتأتي في حيازته وضمانه، سواء كان عن طريق القبض الحسي أو المعنوي، وسواء كان مباشرة من البنك أو من وكيله المنصوب لهذا الغرض، وأن يتحمل البنك تبعة الهلاك قبل تسليمها إلى العميل كما ذكره أخونا الأستاذ علي السالوس حفظه الله، والثالث: أن يكون كل من الأجل والثمن معلومًا لدى الجانبين وقت العقد، ولا يكون هناك تردد في الثمن ولا في الأجل، والرابع: أن يكون الثمن لا يزيد في حالة عدم أدائه في الوقت المحدد ولا ينقص في حالة أدائه قبل الموعد المحدد، وأما تعويض البنك في حالة تقصير العميل في أداء ثمنه في وقته المحدد كما يجري في كثير من البنوك الإسلامية، فلي في ذلك وقفة، لأن هذا التعويض في نظري لا يدخل تحت أصل شرعي، ولكن قد ذكر الحطاب رحمه الله في نفس هذا الكتاب مسألة يمكن أن تصبح بديلًا لهذا التعويض، ويمكن أن يكون هذا البديل أكثر أثرًا على العملاء، وهي أن الحطاب رحمه الله قد ذكر أنه لو قال المستقرض: إن لم أوفك هذا القرض في وقته المحدد فإني أدفع مبلغًا كذا إلى الفقراء أو أدفع مبلغ كذا إلى رجل آخر غير المقرض، فإن ذلك يجوز عند جميع المالكية ديانة وعند بعضهم قضاء أيضًا، وأقرأ عليكم نصًا من الحطاب رحمه الله: وأما إذا التزم المدعى عليه للمدعي أنه إن لم يوفه حقه في وقت كذا فله عليه كذا وكذا، فهذا لا يختلف في بطلانه لأنه صريح الربا، وسواء كان الشيء الملتزم به من جنس الدين أو غيره، وأما إذا التزم أنه إن لم يوفه حقه في وقت كذا، فعليه كذا وكذا، فهذا لا يختلف في بطلانه لأنه صريح الربا، وسواء كان الشيء الملتزم به من جنس الدين أو غيره، وأما إذا التزم أنه إن لم يوفه حقه في وقت كذا، فعليه كذا وكذا لفلان، أو صدقة للمساكين، فهذا هو محل الخلاف، والمشهور أنه لا يقضى به، وقال ابن دينار: يقضى به، فلو أخذنا بقول ابن دينار لأن مقصود البنك من فرض التعويض هو الضغط على العميل بأن يوفي الثمن في وقته المحدد ويمكن هذا الضغط بهذا الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>