للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم

في الحقيقة طلبت الكلام في الموضوع الأول الذي كنا فيه ويبدو أننا مازلنا نتتبع أذياله، فيه بعض المسائل المهمة يجب أن نتفق عليها أولًا، من هذه المسائل هل نحن متبعون أم مبتدعون؟ يقولون إن الناقد بصير ولكنه باتباع الأثر جدير، عندما نقول كل أقوال العلماء، والعلماء تحدثوا عن مسألة الوعد ما تركوها هملًا، العلماء الذين تلقوا السنة وتلقيناها منهم تحدثوا عن هذه المسألة، وفرقوا بين عقد ووعد، وجعلوا النتائج المترتبة، والآثار التي تترتب على العقود ليست هي نفس الآثار المترتبة على الوعود، هذه البديهة الأولى هل نحن متفقون عليها؟ نعم، قلت: إن العلماء الأوائل فرقوا بين الوعد والعقد وهذا أمر بديهي، تحدث عنه الجميع، هل نحن متفقون على اقتفاء الأوائل؟ وهل نحن متبعون أم مبتدعون؟ الجواب على هذا السؤال طبعًا يحدد الإجابة في هذه القضية، إذا كنا قد تتبعنا المذاهب ونقبناها وجدنا أنهم تحدثوا عن هذه المسألة وما أغفلوها، وفي نفس الوقت قالوا إن الآثار المترتبة على الوعد ليست هي نفس الآثار المترتبة على العقد، نعلم ضرورة أن ترتيب هذه الآثار من طرفنا ألا ننشد له سلفًا من الأمة، وبالتالي فهو أمر خطير أن يكون مجمعنا هذا مجمعًا يحدث آراء جديدة على غير هدى، ويقعد قواعد أو يضع جملة من القواعد قد تناولها العلماء قبلنا، ووقفوا منها موقفًا واضحًا صريحًا، ونحن نخالفهم بدعوى أننا نريد إنقاذ البنوك من الربا، وبالتالي لنوقعها في ربا آخر، هذا الأمر له خطوراته أردت أن أنبه إليه.

المسألة الثانية هي مسألة المواعدة التي أثارها الدكتور الضرير، وأنا في الحقيقة لم أفهم كيف ألزم طرفًا ولم يلزم الطرف الآخر، ليكون منطقيًا مع نفسه ومع النصوص التي أوردها، فإذا ألزم البنك فعليه أن يلزم الطرف الآخر الذي وعد، أو أن لا يلزم أحدًا منهما، وقد راجعت نص الشافعي فما وجدت فيه إلزامًا، البيع الأول هو بيع البنك أو بيع المأمور بالشراء هو الذي أمضاه الشافعي، أما البيع الثاني فهو بيع جديد ينشأ بين المأمور وبين الآمر، وهو بيع جديد كلاهما بالخيار، بمعنى أن أيًا منهما لم يلتزم شيئًا للآخر، فكيف تلزم بالوعد؟ هي المواعدة هي وعد من اثنين مفاعلة، والمفاعلة هي من اثنين، وقد تكون من واحد قليلًا، كما في قوله تعالى {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢] وقد تكون من اثنين كما هو الغالب، فهي مواعدة من اثنين، التقاء وعد بوعد، فكيف تلزم طرفًا وتترك الطرف الآخر؟ أردت فقط أن يوضح لي الدكتور موقفه من هذه القضية، لا أزيد شيئًا كبيرًا –سيادة الرئيس- غير التنبيه على أن هذه المسألة لم نجد لها سلفًا، ولو وجدناه لاتبعناه، وشكرًا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>