للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور إبراهيم بشير الغويل:

الدكتور عبد السلام أيضًا في بحثه القيم الذي كان يتسم بالموضوعية يقول بالنص: ركزت كثير من البنوك الإسلامية على أسلوب بيع المرابحة للآمر بالشراء ولم تهتم بأساليب الاستثمار الأخرى –يعني أهملتها- لأنها استطاعت أن تطبقها بطريقة تكاد تحميها من كل احتمالات التعرض للخسارة، أيضًا يقول: كادت هذه الصيغة في عدد من المصارف أن تنقلب إلى مجرد صيغة تمويل مال بمال يعود على البنك بالربح وبلا أي مخاطرة، الدكتور رفيق المصري أيضًا أورد نسبًا مئوية، كيف المصارف الإسلامية بدأت كلها تترك أي معاملات أخرى وتتجه إلى المرابحة للآمر بالشراء؟ فوصلت إلى ثمانين في المائة في بعض المصارف وإلى ثمانية وتسعين في المائة في بعض المصارف وقد تصبح مئة في المائة، إذن هذا السؤال، إذن هذه المعاملة أو هذا الأسلوب لابد أن ينظر، هذه الملاحظة أود أن أعود إليها أيضًا لأن كثيرين يذكرون بأن هناك آيات في القرآن تؤكد على الوفاء بالعقد وأن هناك أحاديث لم تمر على الأسبقين في أي قرار: نحن نريد أن نصدره علينا أن نذكر أنها موجودة، ولكنهم احتاطوا لما عرفوا أن هذا الأمر يجر إلى معاملات ربوية، وكل عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تتبعه للمعاملات هو مطاردة لاحتمالات تحويلها إلى الربا، أيضًا هذه المعاملة في حد ذاتها حينما نزلت إلى التطبيق دعت الجميع إلى ترك أي أمر، والبحث عن المعاملة العادية التي كنا نحاول أن نتجنبها وهي معاملة تتجنب المخاطرة، تبحث عن الربح السريع، تهمل عمليات الاستثمار الإنتاجي الحقيقي، وبالتالي أصبحت المرابحة في المصارف الإسلامية هي في الحقيقة عبارة عن كسب سريع دون مخاطرة ودون أي جهد.

المرابحة في المصارف المعمول بها الآن ليس فيها أي جهد، ولا تعرف حتى على ظروف الأسواق العالمية، ولا تطور الطلب فيها، ولا تحليل مناخ السوق العام ولا اتجاهات الأجل القصير ولا البعيد، ولا معلومات عن أي مصادر لأن هذا كان يستدعي من المصارف جهدًا لا يقل عن الجهد الذي لو دخلت في المضاربات أو المشاركات، فهي مالت وتركت ما أنشئت من أجله وهو إبراز أن ما يريده الإسلام في المعاملات هو المشاركة والدخول في المخاطرة وتشجيع الإمكانيات، وعادت من جديد إلى الأسلوب التقليدي للمصارف أو البنوك، وهو البحث عن الربح السريع مع ضمان وجود أي مخاطرة، وإهمال أي عمليات استثمارية أخرى، هل هذه الظروف التي تحيط بهذه المعاملة بالإضافة إلى ما انتبه إليه الأسبقون من خطورتها تجر إلى ذلك، لتنبهنا إلى أن هذه العملية فعلًا هي تجر الناس جرًا كما انتبه الأسبقون إلى المعاملات الربوية؟ الأسبقون يعون جيدًا أهمية الوفاء بالعقود، ويعون جيدًا توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يكون الإنسان غير مخل بوعوده، ولكنهم وجهوها في أمور ليس فيها مجال للالتباس في دخول العقود الربوية، ولذلك كان الشيخ صباحًا حينما تكلم كآخر متحدث في موضوع الوفاء بالوعد هو الذي أوضح موضع الداء الذي يتوجه إليه، والآن في المرابحة للآمر بالشراء الأمر واضح بناء على المعلومات التي أدلى بها الدكتور عبد السلام والأخوة أصحاب المصارف الإسلامية من أنها صارت تكاد تنفي أي معاملات أخرى، لماذا؟ لأنها ليس فيها مخاطرة، لأن فيها ربحًا سريعًا، لأن فيها إهمالًا لعمليات الاستثمار الإنتاجية وما تتطلبه من جهد، إذن لا جهد ولا مخاطرة، وما هو المانع وراء الربا غير أنه أخذ المال دون أي مخاطرة أو جهد؟ واستغلال للآخرين، وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>