للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨] .

إن هذه القضايا المصرفية التي أحيلت علينا، والتي نظرت فيها مجامع وجلسات كثيرة، علينا أن نعود إلى منبعها، من أين نبعت هذه المشاكل؟ نبعت هذه المشاكل من قرار، قرار خطير حكيم قال به الملك فيصل رحمة الله عليه وألحقه بالشهداء الصالحين، لما منع النفط كان العالم الإسلامي كله فقيرًا لأن الدول التي نهضت –لما نمنا- عملت على تعويقنا، فكان كل ما في العالم الإسلامي من خيرات إنما هي تمتص ليزداد الغرب ثراء وليبقى العالم الإسلامي على فقره، فكان القرار الخطير بمنع تدفق النفط وارتفاع سوق النفط أو ثمن النفط، أن حصل فيض من السيولة المالية عند بعض الدول المنتجة للنفط في العالم الإسلامي، وهذه السيولة المالية كما يقول عمر رضي الله عنه "أبت الدراهم ألا تخرج أعناقها" فلابد من أن هذه السيولة المالية ستنصرف، انصراف المال في أمرين: أولًا حركة، وبغية للربح من أجل المال، ثانيًا في الإنفاق على المتاع وعلى الحياة وهذا التوجه الأول أعني زيادة أو إنماء هذه الأموال ذهبت أولًا وبالذات فعند كثير من الذين تحصلوا عليها، إلى دول الغرب، فأودعت في بنوك أمريكا وفي سويسرا وفي غيرها من الدول المالية، وإذا بمشكلة جديدة حصلت في العالم الإسلامي هي أن هذه الأموال عادت إلى الغرب بعد أن دفعها لتزيده نهضة وتمكن للعالم الإسلامي في قيوده، فكيف تعود هذه الأموال إلى العالم الإسلامي حتى ينتفع بها؟ فكان كحل من الحلول إيجاد البنوك الإسلامية، فهذه البنوك الإسلامية هي تمثل الاحتفاظ بمقوم من المقومات الخمسة –أعني حفظ المال- لأن المهم أولًا وبالذات حفظ مال الأمة، ثم حفظ المال الفردي، فهذا المال الذي قد تفتح له وتجلب الغربيون بكل الطرق وعاد على اقتصادهم بالخير الوافر، كيف يمكن أن يعود إلى العالم الإسلامي ليحركه؟ فكانت هذه البنوك الإسلامية وكان لابد من أن تأخذ هذه البنوك الإسلامية منهجًا وطريقة: هذا المنهج نريده أن يبتعد رويدًا رويدًا وقليلًا قليلًا عن البنوك الربوية التي مضى عليها قرون وقرون حتى يستقل بذاته، وهنا يأتي الموقف الخطير لفقهاء المسلمين، فعلينا أولًا أن نعلم أن هذه المصارف على هذا النحو هي أمر جديد في الإسلام وعلى العالم الإسلامي، وما كان يريد العالم الإسلامي في تاريخه الطويل تجميع الأموال بهذه القوة وتصريفها في الاقتصاد والاستثمار، وإنما كانت الجهود فردية والشركات التي كانت عندما كانت بين أفراد أو اثنين أو ثلاثة ولا تعدو ذلك إلى أن تشمل كامل المواطنين في البلد. .

<<  <  ج: ص:  >  >>