للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم

كنت راغبًا عن الكلام في هذا الموضوع بعد أن طال وخصوصًا بعد أن قدمت بحثي فيه، والكلام فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، ولكن بدت لي بعض الملاحظات، معظمها ملاحظات منهجية:

أولًا: فضيلة الرئيس قد أشار إلى أن من يعرض بحثًا معينًا عليه أن يشير إلى البحوث الأخرى، وهذا لم يلتزم، مع أنه لازم وخاصة إذا كانت بعض البحوث تنهج نهجًا مخالفًا لعامة البحوث الأخرى، أو متجهة اتجاها آخر، لأن من الظلم لها في هذه الحالة أن تترك، هذه واحدة.

الملاحظة الثانية: أننا هنا في الواقع لسنا كما قال بعض الإخوة مبتدعين، نحن متبعون، ولكن ما معنى الاتباع والابتداع؟ هل الأتباع أتباع ما قاله السادة فقهاؤنا السابقون من مقلدي المذاهب المختلفة؟ أم الإتباع هو إتباع ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ لاشك أن الأتباع الذي نلزم به دينا ويحاسبنا الله عليه هو اتباع الكتاب والسنة، وكل أحد بعد ذلك يؤخذ من كلامه ويرد عليه، فلا ينبغي أبدًا أن نلام إذا لم نأخذ بقول الفقيه الفلاني أو الفقيه الآخر، لأن هؤلاء اجتهدوا لزمانهم وعلينا أن نجتهد لزماننا، وكل زمن له أموره الخاصة وأحواله الخاصة، وهذا أيضًا ما أقوله في الملاحظة الثالثة وهي أننا من الناحية النظرية جميعًا نشيد بكلام الإمام ابن القيم وكلام القرافي وكلام ابن عابدين، وغيرهم ممن تحدثوا عن تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال والعرف إلى آخر ما نعلم، كلنا يشيد بهذا، وعند التطبيق لا نلتزم هذا، نحن نوقن أن الفقهاء الذين قالوا بعدم الوعد أو عدم الالزام بالوعد أو غير ذلك لو عايشوا ما عايشنا وشهدوا من الوقائع ما شهدنا وأن مثل هذا الأمر إذا لم يقل به يترتب عليه ضياع مصالح كثيرة، وأن المعاملات الآن لم تعد فيما كانت عليه من قبل، أصبحت ملايين وعشرات الملايين، لو أن هؤلاء الفقهاء عايشوا ما عايشنا لقالوا بمثل ما قلنا، فهذه ينبغي أن توضع في الحساب. .

<<  <  ج: ص:  >  >>