للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: في مسائل المعاملات الخاصة، الحقيقة ينبغي أن نتبنى منهج التيسير لا التشديد، وهذا ما جرى عليه الأئمة ومقلدوهم، فكثيرا ما كانت لهم عبارات في مثل هذه الأحوال يقولون: هذا أرفق بالناس، لا يصلح الناس إلا ذلك، عملية الرفق أو يقال مثل هذا، أعني قيل به تصحيحًا لمعاملات المسلمين بقدر الإمكان، وهذا أمر معروف في كل المذاهب، ولهذا قال الحنفية المتأخرون منهم أنهم اجازوا أو اجبروا بالمواعدة لحاجة الناس، والاخوة يذكرون في مسالة بيع الوفاء، ولكن هناك ما هو اسبق من بيع الوفاء، وهو ما ذكرته في بحثي وما أشار إليه الأخ الدكتور سامي حمود "عملية الاستصناع" والاستصناع قالوا هو مواعدة أم مبايعة؟ ورجح الكثيرون أنه مواعدة، ولذلك مذهب الإمام، والمذهب المفتى به عندهم أنه بعد الاستصناع من حق المستصنع له، أو المستصنع طلب الصنعة أن يقول لا، لا يعجبني ويترك ما صنع له، ولكن مجلة الأحكام حينما قننت مذهب أبي حنيفة في المعاملات اختارت مذهب أبي يوسف في هذا، وعللت هذا أنه الآن أصبحت هناك مصانع عظيمة ومعامل كبيرة وسفن وبواخر، فلو أننا خبرنا من طلب الصنعة المستصنع بعد ذلك وقال: لا أريده لترتب على ذلك حرج كبير ومفاسد عظيمة، فمن اجل هذا اختارت المجلة مذهب أبي يوسف، فهذا ينبغي أن نراعيه، مسالة التيسير، وأنا يعجبني هنا كلمة أكررها دائمًا وهي كلمة الإمام سفيان بن سعيد الثوري، وهو إمام في الفقه وإمام في الورع وإمام في الحديث، أمير المؤمنين في الحديث يقول: إنما الفقه الرخصة من ثقة، فاما التشديد فيحسنه كل أحد، والرخصة في المعاملات بالذات لأن الأصل فيها الإباحة، والبيع بصفة خاصة لأن فيه نصًا {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] و (الـ) هنا للجنس أو للاستغراق ولذلك ابن رشد في المقدمة يقول: هذا يشمل كل بيع إلا أم استثناه النص، فالأصل في البيوع خاصة الحل وفي المعاملات عامة الحل، هذه كلها ينبغي أن نراعيها حينما ننظر في موضوع مثل موضوع المرابحة، وهو موضوع تقوم عليه البنوك الإسلامية صحيح نبه أخونا الأستاذ الدكتور العبادي في الصباح إلى أن البنوك الإسلامية أصبحت معظم معاملاتها في المرابحة، وهذا للأسف أمر نأسف له وهو يرجع إلى أمور اقتصادية لا إلى أمور شرعية كما أشار الأخ أحمد بازيع رئيس بيت التمويل، ونحن نبهنا وقلنا: إنه ينبغي أن نخرج البنوك الإسلامية من قمقم المرابحة، هي سجنت نفسها في المرابحة ولكن هذا شيء والقول بتحريم المرابحة شيء آخر، فالمرابحة جائزة والقول بالمرابحة مع عدم الإلزام بالوعد في الحقيقة يترتب عليه ضرر كبير، ونحن أيضًا هنا أذكر ملاحظة، أنه حينما يختلف العلماء، فما المرجع؟ ما قاله الله تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} . [النساء: ٥٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>