للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضية المرابحة للآمر بالشراء هذه لا تخرج عند المالكية، هناك من ينسب إلى المالكية غير ما يقولون ومن يفرق بين اشتر لي وابتع لي، وكلمة ابتع واشتر واحدة، لأن المصطلح عند الفقهاء أن الثلاثي من المادتين يستعمل للإخراج بعوض، والخماسي من المادتين يستعمل للإدخال بعوض، بعت وشريت للإخراج، وابتعت واشتريت للإدخال، فإذا قال له: ابتع لي هذه البكر، فلا فرق بينها وبين أن يقول له اشتر لي هذه البكر، والقضية عندهم ذات طرفين وواسطة، إذا قال له: جاء يسال عن سلعة فقال له المسؤول: أمهلني إلى غد وجاء بالسلعة وباعها بما يريد هذا لا غبار على جوازه، وعنه عبر خليل بن إسحاق بقوله: جاز لمطلوب منه سلعة أن يشتريها ليبيعها بثمن، وفي نسخة بنماء، وفي نسخة بمال ولو بمؤجل بعضه، الطرف الثاني أن يصرح بقدر ما يربحه وهذا ممنوع عندهم وهو قوله بخلاف اشترها لي بعشرة نقدًا وآخذها باثني عشر لأجل، ولزمت الآمر إن قال لي وفي الفسخ إن لم يقل لي أو إمضائها ولزومه الاثني عشر، قولان، والوساطة هي أن يوميء بالتربيح من غير تصريح، ففي هذه الحالة يكره العقد ولا يفسخ، وفي هذا يقول: وكره خذ بمائة ما بثمانين أو اشترها ويوميء بتربيحه ولم يفسخ.

والمالكية يركزون على سد باب الحيل، كل ما فيه حيلة على الربا، فإذا كان الآمر بالشراء يحتال على دفع القليل في الكثير فهذا ممنوع عندهم، وإذا كان إنما أراد مساعدته على الحصول على سلعة لا يمكنه شراؤها في الوقت الحاضر فطلبها من بنك أو مورد ووعده أنه سيشتريه له ووعده الآخر أنه سيشتريها منه لا على معنى المعاملة في النقود والمتاجرة بها فهذا من الأمور التي لا تخرج عن أنظار المجتهدين، ومحط الخلاف هو يجوز الأخذ بالأرفق والأوسع فيها، في هذا العصر الذي تكالبت عليه فينا قوى الشر ولم نصبح قادرين على إيجاد ذلك الاستقلال الإسلامي الخالص، والذي صدق علينا فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: - إن صح- ((يوشك أن ياتي على الناس زمان من لم يأكل فيه الربا ناله من غباره)) فنحن نريد أقل الشرين وأخف الضررين لا نريد أن نحرج الناس وفي هذا المعنى قال الإمام مالك رحمه الله تعالى عندما سئل عن جبن الروم، قال: هم قوم كفار ويجيئونه بأنفحة الخنزير، وما أحب أن أحرم على الناس معايشهم وشكرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>