للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك أنا قلت في بحثي وطالبت بأن يبحث المجمع حديث حكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) فإذا كانت الصورة التي تتعامل بها البنوك ينطبق عليها هذا الحديث فلا مفر لنا من القول بعدم اللزوم ولا نستطيع أن نقول باللزوم، أما إذا استطعنا أن نوجد مخرجًا وتفسيرًا وقد كتبت في بحثي وهذا تفسير قديم ذهبت إليه وقلت: إن بيع الاستيراد المتعارف بين التجار لا يدخل في بيع ما ليس عندك، وبهذا يكون جائزًا مع أن السلعة غير موجودة عند التاجر، وهذا هو المتعارف في الأسواق الآن، لكن عندما جئنا إلى موضوع البنوك وهيئات الرقابة لم أفت بهذا الرأي في هيئة الرقابة، وطبقت رأي الجمهور وهو ما يقول به جميع الذين تحدثوا عن الإلزام، هم مسلمون بأن هذه الجزئية تدخل في بيع ما ليس عندك، ومع ذلك يريدون أن يجعلوا الوعد ملزمًا، في هيئة الرقابة في السودان لم نجز هذا، ورفضنا الإلزام كما قلت لكم، وقلنا بعدم الإلزام بالنسبة للمشتري بالنسبة لطالب السلعة، وقد تساءل بعض الأخوان واعترض على كيف يكون الإلزام من جانب ولا يكون من الجانب الآخر؟ أقول إن هذا هو الذي يخرج هذه الصورة من بيع ما ليس عندك، لأن المسألة فيها خيار، وسينشأ عقد جديد حقيقي برضا الطرفين، لأن أحدهما مخير لا يلزم أن يكون الاثنان، مادام أحدهما مخيرًا فقد خرجت المسألة من أن تكون من بيع ما ليس عند الإنسان، وقلت إن هذه المسألة وبخاصة عند المالكية –أما الشافعية فقد نص عليها صراحة، بل هو جعل للآمر الخيار من غير شرط، ولو رجعتم إلى عبارتي- عند المالكية وإن كانت عبارتهم مطلقة أو عامة وليس فيها إعطاء خيار لأحد الطرفين، وإنما فيها المنع إذا التزم الطرفان، وقلت إن تخريج إعطاء الخيار لأحد الطرفين على مذهب المالكية مفهوم واضح، لأن المالكية يقولون مثلًا في بيعتين في بيعة: هذه لا تجوز، إذا قال له بعتك هذه السلعة بعشرة نقدًا وبخمسة عشر إلى أجل وافترقا على ذلك بأن ألزما أنفسهما هذا، وهذه هي الصورة التي لا تجوز في بيعتين في بيعة، لكنهم قالوا: إذا جعل البائع الخيار للمشتري جاز ذلك، كذلك في بيع العين الغائبة قالوا لا تجوز من غير صفة ولا رؤية متقدمة إذا كانت على الإلزام –إلزام الطرفين- أما إذا جعل للمشتري الخيار فهي جائزة لأن له أن ينشئ العقد وله أن لا ينشئ، فهذا هو الفرق بين الحالتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>