للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواقع إني مع الزميل الدكتور النشمي اجتمع في قضية الاستحسان، فإن وجه الأخذ بالقيمة أو الربط بالقيمة بالنسبة للعملات الورقية إنما هو الاستحسان، والاستحسان يؤخذ به بالعلة الخفية إذا جار الأمر بالأخذ بالعلة الظاهرة، ومال الأمر إلى الجور. فأخذنا بالعلة الخفية وقلنا: إنه لا بد من الربط بالقيمة بضابطين اثنين:

الضابط الأول: كما تفضل زميلي فضيلة الشيخ التسخيري حفظه الله، من أن التغير ينبغي أن يكون فاحشًا لا يسيرًا، لأن اليسير مما يتسامح فيه. ورأى أن هذا موضع اتفاق. لكنني ضبطت التغير الفاحش بعرف التجار، وربط زميلي الدكتور النشمي ذلك بما قاله الرهوني، وجعل كلام الرهوني لازمًا لقول أبي يوسف ولكل وجهة.

الضابط الثاني: هو أن نلحظ – وهذا شيء تطرق إليه فضيلة الشيخ التسخيري – أنه يجب عند العقد ربط العملة الورقية بالعملة الصعبة، إذا لم نستطع أن نربطها بالذهب والفضة، لأن المجمع الكريم استبعد هذا الربط فإننا نربطها بالعملة الصعبة التي قد تتغير ولكنه تغير نسبي ضئيل جدًّا لا يلتفت إليه، كالدولار والين الياباني، والمارك الألماني الغربي، والفرنك الفرنسي وغير ذلك. إذا لحظنا عند التعاقد أو عند الإقراض هذا الربط فإننا نكون بمنجاة من النزول في متاهات تغير العملة وما يؤدي ذلك إلى إضرار بكلا المتعاقدين أو بكلا المتعاملين بالقرض والمداينة أو بغير ذلك. هذا خلاصة ما ذكرت في بحثي، ولن استطرد فأدافع أن ألخص البحث، إنما أقول: إنني وزميلي الدكتور النشمي قريبان من الأخ الدكتور القره داغي وكأنني في زمرة واحدة تقريبًا. قد تختلف الضوابط ولكننا نتفق في موضوع واحد هو أننا نذهب إلى الاستحسان، ونذهب إلى ضبط الاستحسان ولجمه. فالقسمة رباعية وليست خماسية كما تفضل فضيلة الأستاذ الجليل تقي الدين العثماني، وأنا أشكر له عرضه القيم وتفصيله الكريم وجرأته في الدفاع عن رأيه، علمًا بأن الأخذ للمثل يؤدي بنا إلى ورطات كثيرة.

أقول ردًا على ما تفضل به زميلي وأخي الأكبر طبعًا الشيخ التسخيري حفظه الله وأخي الأكبر الشيخ تقي الدين العثماني – فأنا أصغركم سنًّا وقدرًا – أقول: إننا أحيانًا إذا جار القياس ولجأنا إلى الاستحسان فإنه إذا – أيضًا جار الاستحسان – نرجع إلى القياس. أي أن الأخذ بالقيمة ليس على إطلاقه أيضًا، فهنالك حالات كما تفضل الشيخ التسخيري فيها جور وظلم وضرر إذا ربطنا العملات الورقية بالقيمة وهذه الحالات ينبغي أن ينص عليها في القرار المجعي الموقر وأن تبحث فنرجع إلى الأخذ بالمثل، أي الأصل أن نأخذ بالمثل فيما ذهبنا إليه وقد يؤخذ بالقيمة استثناء من القاعدة.

هذا ما أدى فهمي المتواضع وبحثي المتواضع أيضًا. وشكر الله لكم وجزاكم الله كل خير، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>