للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور علي محي الدين القره داغي:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أشكر السيد الرئيس على إتاحة الفرصة لنا كما أشكر الأستاذ الكريم تقي الدين العثماني على بحثه القيم وعرضه الرائع واستخلاصه الآراء الخمسة من الأبحاث، وكذلك أشكر الأخ الكريم الأستاذ الدكتور محمد الفرفور حيث إنني فعلًا شعرت بأنني منفرد بهذا الرأي فحمدت الله الآن أن معي هؤلاء الإخوة الأعزاء.

ثم بعد ذلك استسمحكم جميعًا عذرًا لأشرح رأيي ووجهة نظري في هذه المسألة باختصار. ومنطلق وجهة نظري ومبادئها وضوابطها وذلك لأن رأيي ما دام مختلفًا عن رأي الأستاذ العارض، أرجو من السيد الرئيس أن يتيح الفرصة لي. فأقول وبالله التوفيق.

بدأت بحث هذه المسألة منذ عدة سنوات حينما سألني أحد الإخوة فقال: لقد دفعت إلى أحد الإخوة الكرام في لبنان مبلغ مائة ألف ليرة لبنانية في سنة ١٩٧٠، وكان هذا المبلغ يساوي خمسين ألف دولار، فاشترى به الأخ الكريم اللبناني مطبعة وسيارة ومحلا، ثم قبل ثلاث سنوات رد لي هذا المبلغ مبلغ مائة ألف ليرة في سنة ١٩٨٦. وكانت تساوي حوالي ثلاثمائة دولار أمريكي فقط، فأنا حينما سألني عن ذلك استوقفني هذا السؤال كثيرا، ولم أفت إلى الآن بهذا البحث رغم أنني حقيقة عايشته منذ ذلك الحين. فقلت في نفسي ودون أن أفتي إذا كان رب العالمين يقول بخصوص المرابين: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} ، فكيف يكون موقفنا بالمثالية في مثل هذا الرجل الذي أقرض حسنًا فكان جزاء حسنته أن يأخذ بدل خمسين ألف دولار أمريكي ثلاثمائة دولار التي لا يمكن أن تشبع خمسة أو ستة أشخاص، مع أن المدين المفروض منه الإحسان ((خياركم أحاسنكم أو أحسنكم قضاء)) ، فانطلقت في بحثي هذا من عدة مبادئ من أهمها:

أولًا: إن ما ورد فيه نص من كتاب الله وسنة رسوله يجب اتباعه، ولكن النقود الورقية حديثة العهد ولذلك لا مطمع في وجود نص خاص فيها ولا قول للمتقدمين.

ثانيًا: رعاية المقاصد والمبادئ الأساسية والقواعد الكلية، فالفروع متفرعة من الكليات، فلا ينبغي لنا في فتاوانا أن نضحي بالمبادئ والقواعد الكلية، في سبيل الجزئيات ما دام لا يوجد نص على ذلك، بالإضافة إلى القواعد، قاعدة ((لا ضرر ولا ضرار)) ، بالإضافة إلى مبدأ العدل الذي أكده شيخ الإسلام، فقال: إن المعاملات بل إن الإسلام كله مبني على العدالة وتحقيق العدالة، كما ورد في ذلك: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} . قضية القسط هي الأساس والعدالة هي الأساس في الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>