للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعد ذلك نظرت إلى أن أصل هذه المسألة عند الإخوة الفضلاء يعود إلى قضية المثلي والقيمي. وهذه المسألة – مسألة المثلي والقيمي – قد بحثها فقهاؤنا الكرام في باب الحج، في باب القرض، في باب البيع، في باب الجنايات،في عدة أبواب فقهية. فجمعت جذور كل هذه المسائل بالإضافة إلى الاستشهاد بالآيات القرآنية التي وردت فيها كلمة المثل والأحاديث الشريفة التي وردت فيها كلمة المثل، فوصلت من خلال هذا العرض في بحث يتجاوز المائتي صفحة وهذا الذي بين أيديكم خلاصتها، وصلت إلى أن المثلية في جميع الأبواب فيها اختلاف كبير في الموازين الجزئية التي تضبطها، ولكنها تنفق وتصل وترتبط بشيء واحد وهو تحقيق العدالة. ولذلك العلماء في باب القرض الذي أشار إليه الأستاذ العثماني، حينما يقرون بأن الشيء الفلاني مثلي بالاتفاق ولكنه حينما يكون الرد بالمثل لا يحقق المثلية يعودون فيقولون يجب فيه القيمة على سبيل المثال، وأوردت في ذلك مسائل حقيقية كثيرة في جميع المذاهب، على سبيل المثال: الماء الذي يغصب أو يقرض في الصحراء لما نأتي إلى المدينة لا يجب على الشخص بل لا يجوز له أن يرد الماء وإنما ينظر فيه إلى قيمة الماء في الصحراء، كذلك الذهب وهو من المثليات بالإجماع مع ذلك حينما تدخل فيه الصنعة تزيده قيمة هائلة حينئذ لو أتلفها شخص لا ينبغي له أن يرد المثل وإنما تلاحظ فيه القيمة. ولا أريد أن أطيل عليكم. هذا بالمناسبة أيضًا أستاذنا تقي الدين العثماني وفضيلته أستاذنا الجليل وقد استفدنا من أبحاثه القيمة حقيقة كثيرًا وكثيرًا، قال فضيلته: بأنه يجب الرد بالمثل بلا خلاف. هذا الكلام ليس على إطلاقه وإنما في المثليات أما هؤلاء الفقهاء الذين أجازوا القرض في القيميات مثل الإمام أحمد والإمام الشافعي وجماعة كثيرة من الفقهاء أجازوا قرض الحيوان وما أشبه ذلك، فأوجبوا رد القيمة وأجازوا رد حيوانين فرسين مكان فرس واحد ما دامت قيمتهما تساوي قيمته.

ثم بعد ذلك نعود إلى مسألة أخرى، إلا أن هذه المسألة أيضًا تعود إلى قضية هل نقودنا الورقية بغض النظر عن حقيقتها كانت حيلة قانونية للوصول إلى النقود الورقية؟ وكما لا يخفى على الاقتصاديين فإن الدولة نظرًا لعدم وجود الذهب والفضة عندها وصلت إلى النقود الورقية بحيلة قانونية، في الأول كان هناك غطاء ١٠٠ %، ثم انخفض إلى ٥٠ %، ثم ألغي الغطاء الذهبي حينما طلب في سنة ١٩٧٢م الرئيس الفرنسي أن يكون البديل عن الدولارات التي لهم على أمريكا ذهبًا، فطلب منهم الذهب ولم تستطيع الخزائن الأميركية ذلك،وبالتالي ألغت أميركا الغطاء الذهبي وحينئذ زادت الأمور اضطرابًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>