للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن هنا النقود مردها إلى الاصطلاح، ليس لها حد شرعي وإنما ما اصطلح الناس على أنه نقود، والنقود تعرف تعريفًا وظيفيًّا لا وصفيًّا، فلا يقال النقود من الذهب ولا النقود من الفضة ولا النقود ما كان لونه كذا أو شكله كذا، وإنما كما قلنا التعريف تعريف وظيفي.

إذن موضوعنا فيه بيان من السنة، وفيه فتوى صاحبي، وموضوعنا يمكن أن يدخل من باب دلالة الدلالة في حديث الأصناف الستة، وفي حديث الدينار وفي حديث الدرهم.

نرى هنا من يقول: لأن الفلوس استعملت في عصر التشريع ولم تأخذ حكم الذهب والفضة، ثم هذا القائل يقول أيضًا: نلحق النقود الورقية بالفلوس. أمر عجيب! الفلوس كانت في عصر التشريع نعم ولم تلحق بالذهب والفضة، نعم هذا صحيح ولكن ما معنى هذا؟ الفلوس في عصر التشريع كانت ليست من وعاء الزكاة، ما كانت تزكى. أفنقول في يومنا، النقود الورقية نلحقها بالفلوس نلحقها بالفلوس في عصر التشريع فلا تزكى؟ ! أحكام النقود لا نأتي فيها إلى حكم ونترك باقي الأحكام، أحكام النقود لا بد أن ننظر إليها متكاملة، الأحكام الخاصة بالنقدين. فإذا قلنا بأن النقود الورقية لا تلحق بالذهب ولا تلحق بالفضة وإنما تلحق بالفلوس في عصر التشريع وبعد عصر التشريع،إذن نقول هنا: إذن لا زكاة. ونرى باحثًا أيضًا يقول: يجوز الفلس بالفلسين، نقدًا ونساء عند أكثر أهل العلم. ثم يقول أيضًا نلحق النقود الورقية بالفلوس، أمر خطير للغاية، الفلس بالفلسين نقدًا ونساء ونلحق النقود الورقية؟ ولذلك أنتهي إلى النتيجة الخطيرة أنه يجوز، ألف دينار اليوم أو ألف جنيه اليوم بألف ومائتين بعد سنة! فأين الربا إذن إذا اعتبرنا أن هذه النقود الورقية ليست أموالًا ربوية لأن الأموال الربوية مثلية؟ يعني إذا قلنا بأنها قيمية فليست أموالًا ربوية، لأن الأموال الربوية مثلية، فإذا قلنا هذه ليست مثلية وإنما هي قيمية ونأخذ بالقيمة ويجوز الزيادة يدًا بيد ٍ، ونساء، إذن أي صور الربا تكون في عصرنا؟ معنى ذلك أنه لا ربا في عصرنا، كل الربا في عصرنا حلال، لأن مشكلة الربا في عصرنا ليست في زيادة قمح بقمح ولا شعير بشعير، وإنما مشكلة الربا في عصرنا في النقود الورقية. فإن قلنا: بأن النقود الورقية، لأن النقود الورقية تلحق بالفلوس وأن أكثر أهل العلم يرون جواز الفلس بالفلسين نقدًا ونساء، إذن ننتهي إلى أننا نقول: نحل الربا في النقود الورقية، لأن النقود الورقية ليست من الأموال الربوية. ثم أنلحق بالأصل أم بالفرع؟ هل نلحق النقود بأصل متفق عليه وبنص وبحكم منصوص عليه، أم بفرع؟ كيف يأتي هذا؟ . من الناحية الفقهية الأصولية النقود الورقية تلحق بماذا؟ ثم إن الفلوس كانت في المحقرات، كانت كما بين فضيلة الشيخ تقي الدين حفظه الله، كانت مثل الفكة وهي ما تسمى في عصرنا بالنقود المساعدة كأجزاء الدينار والريال وهكذا. إنما لم تكن هي النقود. وفي عصرنا الآن لا يوجد إلا هذه النقود،أفنصبح في عصر بغير نقود؟ لو قلنا بالقيمة إذا أصبحنا في عصر بغير نقود.

<<  <  ج: ص:  >  >>