للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك أرى فعلًا أن هذا الموضوع خطير للغاية، لو أننا لا قدر الله أقررنا الأخذ بالقيمة، إذن يترتب على هذا محاذير كثيرة،

أولها: أنه لا زكاة في النقود الورقية. ولذلك بعض الباحثين عندما أراد أن لا يتناقض مع نفسه قال: أيضًا يمكن أن تكون الزكاة بالنسبة للصرافين وغيرهم الذين يتاجرون في النقود الورقية. ومعنى ذلك أن من عنده مليارات ولا يتاجر فيها فلا تجب فيها الزكاة، لأنها ليست عروض تجارة وليست من النقدين، ليست من الذهب وليست من الفضة. الذهب نفسه: نحن في عصرنا نعرف أن شركات أفلست وبعض الشركات خسرت عشرات الملايين بسبب انخفاض قيمة الذهب، عندما انخفضت قيمة الذهب فجأة، شركات أفلست وبعض الشركات – فعلًا – خسرت عشرات الملايين. معنى هذا أن الذهب انخفض، أما النقود الورقية ارتفعت، انخفاض الذهب معناه أن النقود الورقية ارتفعت. إذن في هذه الحالة لو أن أحدًا اقترض ذهبًا أو فضة، ماذا يؤدي؟ لو أن الذهب كان بألف فأصبح بخمسمائة هل نطالبه بضعف الذهب؟ بماذا نطالبه؟ وإذا قلنا لا، الذهب المثل، ولِمَ في النقود الورقية لا نقول المثل؟ إذن لو أخذنا بالقيمة، زكاة النقدين تنتهي.

ثم فتوى المجتمع السابقة بأن النقود الورقية نقد قائم بذاته له ما للذهب والفضة من الأحكام يلغى، الذي أقره المجمع هنا وأقرته المجامع الأخرى وأقر واستقر خلال ربع قرن هذا يلغي. ثم الحساب الجاري في البنك، كيف إذن يؤدى بمثله؟ معنى ذلك أننا علينا أن نلزم البنوك بأنها تؤدي زيادة عن المثل، القيمة، ثم يخرج من هذا إلى عدالة البنوك الربوية وظلم البنوك الإسلامية. لو أقررنا القيمة فالبنوك الربوية عادلة، والبنوك الإسلامية ظالمة، لِمَ؟ البنوك الربوية عادلة لأنها تقول بأنها تدفع شيئًا تعويضًا عن التضخم، فهي تحاول أن تدفع. والبنوك الإسلامية تكون ظالمة، لِمَ.؟ لأنها تحسب رأس مال المضاربة بالمثل لا بالقيمة. نعطيها النقود الآن وتأتي في العام القادم فتقول الألف زاد عشرة، زاد مائة. أي ألف؟ لو نظرنا إلى القيمة فالألف أصبحت قيمته الآن سبعمائة أو ثمانمائة، إذن مفروض أنه كعامل مضاربة ألا يأخذ إلا بعد سلامة رأس المال. فالبنوك الإسلامية أرباحها لا تساوي التضخم. إذن هي تأخذ من رأس المال وهذا مرفوض شرعًا، لأن المضارب لا يأخذ إلا بعد سلامة رأس المال. ومعنى ذلك فتوى المجمع السابقة الخاصة بالبنوك التي تتعامل بالفوائد وبالبنوك الإسلامية، هذه الفتوى أيضًا يجب أن تنقض وأن نخرج للناس قانونًا جديدًا بأن هذه البنوك الربوية لا نسميها ربوية، أنه حتى نفس الأوراق النقدية ليست من الربا.

إذن الأمر لا شك خطير للغاية، ويجب أن نتريث فيه قبل أن نقدم عليه وأن ننظر إلى هذه المحاذير.

<<  <  ج: ص:  >  >>