للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: في تنزيل دلالة العادات وقرائن الأحوال منزلة صريح الأقوال في تخصيص العموم وتقييد المطلق وغيرهما وله أمثلة:

المثال الثالث: استصناع الصناع الذين جرت عادتهم بأن لا يعملوا إلا بالأجرة إذا استصنعهم مستصنع من غير تسمية كالدلال والحلاق والفاصد والحجام والنجار والحمال والقصار ...

فالأصح: أنهم يستحقون من الأجرة ما جرت به العادة.

لدلالة العرف على ذلك:

المثال التاسع: تقديم الضيفان إذا أكمل وضعه بين أيديهم ودخل الوقت الذي جرت به العادة بأكلهم فيه، فإنه يباح الإقدام عليه ... تنزيلا للدلالة العرفية منزلة الدلالة اللفظية.

ولا يجوز للأراذل أن يأكلوا مما بين أيدي الأماثل من الأطعمة النفسية المخصوصة بالأماثل، إذ لا دلالة عن ذلك بلفظ ولا عرف بل للعرف زاجر عن ذلك.

المثال العاشر: دخول الحمامات والقياصير والحانات إذا فتحت أبوابها في الأوقات التي جرت العادة في الارتفاق بها فيها، فإنه جائز إقامة للعرف المطرد مقام الإذن الصريح.

ولا يجوز لداخل الحمام أن يقيم فيه أكثر مما جرت به العادة، ولا أن يستعمل من الماء أكثر مما جرت به العادة؛ إذ ليس فيه إذن لفظي ولا عرفي..

المثال الحادي عشر: الدخول إلى دور القضاة والولاة في الأوقات التي جرت العادة بالدخول فيها بعد فتح أبوابها للحكومات والخصومات.

المثال الرابع عشر: التقاط كل مال حقير جرت العادة أن مالكه لا يعرج عليه ولا يلتفت إليه.

فإنه يجوز تملكه والارتقاق به لاطراد العادات ببذله:

المثال الخامس عشر: الشرب وسقي الدواب من الجداول والأنهار المملوكة إذا كان السقي لا يضر بمالكها جائز، إقامة للإذن العرفي مقام الإذن اللفظي، فلو أورد ألفًا من الإبل إلى جدول ضعيف فيه ماء يسير، فلا أرى جواز ذلك على المعتاد؛ لأنه لا يقتضيه إذن لفظي ولا عرفي..

المثال السادس عشر: حمل الألفاظ الحقيقية العربية على مجازها كلفظ الصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة ...

وحمل ألفاظ الأخبار على الإنشاء، واستعمال الماضي في ألفاظ المعاملات: كبعت وأجرت وضمنت ووكلت ووهبت وأقرضت وتصدقت..

وحمل المستقبل على إنشاء الشهادات كأشهد بكذا..

وكذلك الدعوى في قوله: أدعي عليه بكذا – لأن أشهد مردد بين الحال والاستقبال، وهو منصرف إلى الحال بعرف الاستعمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>