للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد:

مما لا ريب فيه أن الحركات الاعتيادية تلعب دورًا هامًّا في حياة كل فرد فالإنسان يسلك بنفس السلوك في نفس الأوضاع وهذه الحركات التي تظهر كتفاعلات نمطية تكتسب بمرور الزمن طابع " الاعتياد " وبذلك يسهل الإنسان عيشه إلى حد ما ويتخلص من صعوبة الاختيار واتخاذ القرار على أن يعين سلوكه لكل وضع في كل مرة، كما يسري نفس الشيء في شأن الحركات الاعتيادية الاجتماعية أيضًا.

فالعادات الاجتماعية عبارة عن قواعد السلوك الاجتماعي التي تتكون عن تلك التصرفات الاعتيادية الاجتماعية والتي تتبدل حسب تبدل الأفراد والأزمان والأمكنة.

ومما لا شك فيه أن هنالك تشابهًا كبيرًا بين القواعد القانونية وقواعد العادات الاجتماعية، وهذه القواعد هي التي تنظم حياة الإنسان تنظيمًا إلزاميًّا في المجتمع والحق أن كون العادة قاعدة إلزامية لما يجب أن يكون (doit eire) ، هو الخاصية التي تميزها عن الحركات الاعتيادية الاجتماعية الأخرى. لأن العادة تقضي وتحتم تحقيق استمرارية الأمور في المستقبل أيضًا كما جرت في الماضي، بينما الحركات الاعتيادية الاجتماعية لا تتضمن فكرة الإلزام.

وكما أن هنالك تشابهًا كبيرًا بين القواعد القانونية وبين قواعد العادات الاجتماعية من حيث كونهما ذات الطابع (beteronime) ، (يتلقى من الخارج القوانين التي تسيره) أي من حيث اصطباغهما بالصبغة الجماعية لا الفردية فقط في تناولهما الأمور، فإن هنالك تشابها بينهما أيضًا في هذا المضمار من حيث المحتوى وفي الحقيقة أن محتويات هذه القواعد لا تستقر دائما من حيث المضمون وإنما يمكن أن يطرأ عليهما التغير والتبدل بصفة مستمرة، فإننا نشاهد اليوم كثيرًا من قواعد العادات الاجتماعية قد أصبحت قواعد قانونية بحتة كما نشاهد العكس مثلًا، فإن كثيرًا من القواعد القانونية التي تصادفنا اليوم على صعيد القانون الدولي كانت عبارة عن قواعد العادات من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>