للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الثاني

نظرة تحليلية إلى محاولات تطوير نظرية للعرف

في الفقه الإسلامي

بصفة عامة:

حاولنا في الباب الأول من هذا البحث تعيين مكانة مفهوم العرف والعادة في أدب الفقه الإسلامي وتبين لنا من خلال دراستنا أن الأصوليين لم يتناولوا العرف والعادة كدليل شرعي أثناء دراستهم للأدلة الشرعية (١) ، وبالتالي لم نعثر على محاولة لوضع نظرية للعرف بين الأعمال العلمية للفقهاء المسلمين حتى العصور الأخيرة بغض النظر عما ورد في بعض كتب القواعد من المعلومات حول العرف والعادة.

ومع ذلك فإننا – إذا اعتبرنا مختلف أدوار العرف – نجده يحظى بأهمية كبيرة في كتب فروع الفقه وخاصة نلاحظ أن للعرف تأثيرًا هامًّا في حلول كثيرة مما توصل إليها الفقهاء ولو لم يعبروا نظريًّا عن هذه الأهمية فلذا شعر عدد من العلماء في الأدوار الأخيرة وخاصة في عصرنا الحاضر أمثال العلامة ابن عابدين، والشيخ أبي سنة، والشيخ مصطفى أحمد الزرقاء، والأستاذ عمر عبد الله، والدكتور عبد العزيز الخياط، والدكتور عبد الرحمن الصابوني (٢) والدكتور الجيدي، والدكتور محمد شنار، شعروا بحاجة إلى تطوير نظرية للعرف في الفقه الإسلامي ويلاحظ أن بعض هؤلاء المؤلفين ينطلقون من منطلق الدراسات الغربية ولو قسميًّا.


(١) ليس من السهل أن لا يستغرب كلام الدكتور الجيدي، إذ يقول: " وإذا كان هناك خلافًا بين الأصوليين فليس في أصل اعتبار العرف وإنما في مدى التوسع في الأخذ به أو التضييق " (العرف والعمل في المذهب المالكي ومفهومهما لدى علماء المغرب الرباط، ١٩٨٤ م، ص ٩٠) ، وذلك بعد دراسته الواسعة للعرف " كمصدر للتشريع" – مقارنًا بين المذاهب – في رسالته الدكتوراه
(٢) مع أننا اطلعنا على اسم كتاب في هذا الموضوع للدكتور عبد الرحمن الصابوني وهو " العرف والعادة وأثرهما في التشريع الإسلامي " (القاهرة، ١٩٦١ م) ، فإننا لم نعثر عليه رغم بحثنا الطويل عنه وكذلك عثرنا على وعد لتناول العرف تحت عنوان " العرف كمصدر للتشريع في التشريع الإسلامي والقانون الوضعي " في كتاب " المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي " (دمشق، ١٩٨٥م ص ٥٨٤، هامش رقم ١ و ٥٨٧ هامش رقم ١) ، للدكتور فتحي الدريني إلا أنه لم يمكن لنا أن نتأكد من ظهور المجلد الثاني لهذا الكتاب والجدير بالذكر أن المؤلف يتناول موضوع العرف باختصار شديد بمناسبة " أدلة التخصيص ومنها العرف ".

<<  <  ج: ص:  >  >>