للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس

تمييز بيع التقسيط عن بعض البيوع الأخرى المقاربة

(صور جديدة يمكن أن يلتبس بها بيع التقسيط أو تلتبس به)

٥-١ بيع الأجل وبيوع الآجال:

بيوع الآجال هي أن يبيع الرجل سلعته بثمن مؤجل، ثم يشتريها بثمن أعلى إلى أجل أبعد، أو بثمن أقل إلى أجل أدنى، أو نقدًا ففي بيوع الآجل بيعتان كل منهما بثمن، فإن كانت البيعة الثانية مشروطة في الأولى فلا أحد من الفقهاء يجيزها وكذلك إن كانت نية المتبايعين التحايل على الربا، حيث إن البائع يثبت له في ذمة المشتري الثمن الموجل (الدين) ، ثم إذا ما استرد سلعته بثمن نقدي أقل، تكون السلعة قد عادت إليه، ويكون قد دفع إلى من كان مشتريًا في البيعة الأولى، وبائعًا في البيعة الثانية مبلغًا يعادل الثمن النقدي، ومحصلة هذا أن البائع أولًا (المشتري ثانيًا) قد أقرض المشتري أولًا (البائع ثانيًا) قرضًا بزيادة مقدارها الفرق بين الثمنين، فهو إذن قرض ربوي بالحيلة، ويسمى في الشرع " عينة ".

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا تبايعتم بالعينة (...) سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)) ، رواه أبو داود ٣/٢٧٤، وصححه الشيخ أحمد شاكر (مسند الإمام أحمد، ط أحمد شاكر ٧/٢٧) ، وقال ابن تيمية: إسناده جيد (الفتاوى ٢٩/٢٦- ٣٠) .

فالعينة هنا بيع مقصوده السلف الربوي، أي هو من قبيل استحلال الربا بصورة البيع.

أما إذا وقعت البيعة الثانية من دون اشتراط في البيعة الأولى، فهذا جائز عند الشافعية والظاهرية، ممنوع عند جمهور الفقهاء، واحتج الشافعية بأن حمل الناس على التهم لا يجوز، وهم يرون أن مجرد إعادة بيع السلعة إلى بائعها قبل دفع الثمن ليس دليلا كافيًا على وجود النية الربوية عند المتبايعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>