للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- الأدلة النقلية:

١- قال تعالى على لسان عرب الجاهلية: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [سورة البقرة: الآية ٢٧٥] ، أي فحرموا البيع مثل الربا، أو فأحلوا الربا مثل البيع.

ومن أدق ما نقل في احتجاجهم أنه إذا اشترى المشتري بـ ١٠ إلى شهر، ثم أجله البائع إلى شهر آخر بزيادة واحد فهذا كما لو باعه إلى شهرين بـ ١١ (أحكام القرآن لابن العربي ١ /٢٤٢، والاعتصام للشاطبي ٢/٤٧) .

فعاجلهم تعالى بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ، أي البيع بـ ١١ إلى شهرين جائز، والبيع بـ ١٠ إلى شهر جائز، ولكن تأجيله بعد ذلك بزيادة واحد إلى شهر آخر ربا غير جائز.

فالزيادة الأولى في البيع جائزة، سواء كانت ربحًا في بيع معجل، أو ربحًا إضافيًّا للتأجيل في بيع مؤجل (تنوير المقباس لابن عباس ص ٣٢ من الطبعة المستقلة، أو ١/١٤٣ من الطبعة التي على هامش الدر المنثور للسيوطي، وقارن تفسير المنار ٣/١١٣ و ٤/١٢٣، وفتواى محمد رشيد رضا ٢/٦٠٨، والربا لمحمد رشيد رضا ص ٧٦) .

المهم هنا أن عرب الجاهلية أرادوا الاحتجاج بجواز الزيادة في الثمن المؤجل لاستباحة الزيادة في القرض المؤجل.

٢- عن عالية بنت أنفع أنها سمعت عائشة، أو سمعت امرأة أبي السفر تروي عن عائشة أن امرأة سألتها عن بيع باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إلى العطاء، ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقدًا، فقالت عائشة بئس ما اشتريت وبئس ما ابتعت، أخبري زيد بن أرقم أن الله عز وجل قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتوب (انظر الأم للشافعي ٣/٦٨، والمحلى لابن حزم ٩/٦٠، وبداية المجتهد ٢/١٠٧) .

فهذا الخبر يدل على أن الثمن النقدي أقل من الثمن المؤجل، كما يدل على أن المعاملة غير جائزة، كما أفادت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها ولكن ما هو غير جائز، في هذا الخبر، ليس هو زيادة المؤجل على المعجل، إنما هو بيع الشيء، بثمن مؤجل، ثم شراؤه بثمن معجل أقل، فهذه حيلة ربوية، تسمى بيع العينة (= بيع الآجل) ، إذ يبدو أن الغرض هو القرض بربا يساوي الفرق بين الثمنين فزيادة الثمن المؤجل على المعجل جائزة، ولكن لا يجوز اتخاذها وسيلة للقرض الربوي، أي الوصول إلى القرض في صورة بيع، يجري مرتين، بصورة متعاكسة، بحيث يؤول في الحقيقة إلى قرض بالربا.

إن بيوع العينة (= بيوع الآجال) هذه مستندة إلى الحلال وصولًا إلى الحرام فالحلال هو جواز الزيادة في الثمن المؤجل، والحرام هو التحايل بهذه الواسطة للتوصل إلى مأرب ربوي غير مشروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>