للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن

رد على الشبهات (الآراء المخالفة)

سنثبت الشبهة (الرأي المخالف) أولا، ثم نجيب عنها:

١-الزيادة في الثمن المؤجل ربا، لأنها زيادة في نظير الأجل، وكل زيادة في نظير الأجل تعد ربا (الإمام زيد لأبي زهرة ص ٢٩٣) .

إنى أعترف بأن هذه الزيادة ربا، ولكنها ليست ربا محرمًا، وقد أثبتنا ذلك في هذه الدراسة، بالاعتماد على حديث الربا نفسه، حديث الأصناف الستة.

٢- الزيادة في الثمن المؤجل يحتمل أن تكون من المباح، كما يحتمل أن تكون من المحظور، وعند الاحتمال يقدم الحظر على الإباحة.

هذا صحيح إذا لم يكن الترجيح بين الإباحة والحظر، وقد أمكننا بحمد الله الترجيح بينهما بأدلة تبدو لنا كافية جدًّا، ونحن مطمئنون إليها، وواثقون منها إلى درجة تزيد على الظن الراجح، وتقارب اليقين.

٣- احتج بعض المعاصرين لحرمة الزيادة في الثمن المؤجل بحديث رواه أو داود في السنن، كتاب البيوع: " من باع بيعتين في بيعة فله أو كسهما أو الربا " (القول الفصل في بيع الأجل لعبد الرحمن عبد الخالق ص ٤٣) .

على فرض صحة هذا الحديث، فإن المعنى محمول على بيوع الآجال (بيوع العينة) ، لا على بيوع الأجل، وذلك منعًا للتضارب بين السنن والآثار (ابن القيم في تهذيب السنن ٥/١٤٨، وعون المعبود ٩/٣٤٣ – ٣٤٤) .

وبيوع الآجال، كما ذكرنا، حيل ربوية تعتمد على جواز الفرق بين الثمن المعجل والمؤجل، ظاهرها البيع، وباطنها القرض الربوي، والسلعة تدخل ثم تخرج، وليست مرادة.

والدليل على أن المقصود بالحديث هو بيوع الآجال، هو أن البائع إذا قال: إن كان لسنة فبكذا (١١٠ مثلًا) ، وإن كان نقدًا فبكذا (١٠٠ مثلًا) (مصنف ابن أبي شيبة ٦ /١١٩- ١٢١) ، فهذا ليس من باب بيعتين في بيعة، إنما هو إيجاب ثمنين من أجل أن تنعقد بعد ذلك بيعة واحدة على أحد الثمنين: المؤجل أو المعجل (جامع الترمذي ٣/٥٢٤، ومصنف عبد الرزاق ٨/١٣٨، والمهذب للشيرازي ١/٣٥٥، وبداية المجتهد ٢/١١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>