للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النقاط التي أثيرت أن زيادة البيع الآجل عن البيع الحالّ قد تأخذ صورة ما وهي: أن يذكر أن الثمن هو كذا ويذكر في العقد أن فوائد التقسيط هي كذا، أي بدلًا من أن يقول: هي بنقد بخمسين، ونسيئة بستين، يقول: ثمنها خمسون وفوائد التقسيط عشرة إذا قلنا: هي بنقد بخمسين ونسيئة بستين، واستقر البيعان على ستين وقلنا: عند الجمهور هذا جائز، فإن القول بأنها بخمسين وفوائد التقسيط عشرة فإن هذا غير جائز، الفرق بين الصيغتين أنه في الصيغة الثانية حدد مبلغًا للزمن، ومعنى ذلك أن هذه الفوائد إذا تأخر فهي قابلة للزيادة وإذا تقدم فهي قابلة للنقصان، والثمن هو خمسون إذن لابد أن يكون الثمن محددًا، أما إذا ذكر النقد والفوائد فإن هذا، فيما نرى، غير جائز، والرأي للمجمع الموقر.

كذلك من النقاط التي أثيرت أن البيع بالتقسيط قد يتبعه كتابة الديون المقسطة في كمبيالات تخصم من بنك ربوي، وهذا يعني أن المشتري يخرج تعامله من التعامل مع البائع إلى التعامل مع البنك، فيصبح مع ذلك: الثمن والكمبيالات كلها يتعامل بها مع البنك، ولذلك إذا تأخر فهو ملتزم بدفع الفوائد التي ينص عليها القانون أيجوز هذا أم لا يجوز؟ لعله غير جائز.

كذلك من البيع بالتقسيط ما يتصل بالعينة، وهي معروفة بلا شك، والإخوة الباحثون الذين ذكروها بينوا عدم جوازها لأنها وسيلة للقرض الربوي، حيث إن البائع يبيع بالتقسيط بثمن أعلى ثم يشتري نقدًا بثمن أقل وهذا، للأسف، ينتشر في بعض البلاد، والإخوة الذين بحثوا الموضوع انتهوا في الغالب إلى أن هذا غير جائز، والواقع أن جمهور الفقهاء لا يجيزون هذا، والشافعية الذين أجازوه لم يجيزوه مع الإباحة، وإنما منهم من ذهب إلى الكراهة ومنهم من ذهب إلى التحريم إذا كان هناك اتفاق ومواطأة على التعامل الربوي، لأن الشافعية من منهجهم تصحيح العقود وإن كانت محرمة ما دامت قد استوفت الشروط، فيقولون مثلًا: التدليس حرام وإذا وقع البيع فالبيع صحيح، زواج التحليل حرام وإذا وقع فهو صحيح، بيع السلاح في الفتنة حرام وإذا وقع فالبيع صحيح، أي أنهم يرتبون الآثار على العقد بحسب الظواهر ويجعلون النيات يتعلق بها الحلال والحرام، فإذا كان العقد يؤدي إلى حرام فهو حرام، وإذا كان يؤدي إلى حلال فهو حلال، أما الظاهر فما دام العقد قد استوفى شروطه وأركانه فالعقد صحيح أي تنبني عليه آثاره بيع العنب لمن يتخذه خمرًا حرام لكنه عقد صحيح عند الشافعية لأنه قد يبيعه والآخر لا يصنع خمرًا، وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>