للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عنِّي. رواه مسلم.


= والآية: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا ٢٣ إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) ٢٤ من سورة الكهف.
نهى تأديب من الله تعالى لنبيه حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين فسألوه فقال: ائتوني غدا أخبركم، ولم يستثن فأبطأ عليه الوحي بضعة عشر يوما حتى شق عليه وكذبته قريش، والاستثناء من النهي، أي ولا تقولن لأجل شيء تعزم عليه اني فاعله فيما يستقبل إلا بأن يشاء الله: أي إلا متلبسا بمشيئته قائلا إن شاء الله، أو إلا وفت أن يشاء الله أن تقوله، بمعنى أن يأذن لك فيه (واذكر ربك) مشيئة ربك، وقل إن شاء الله كما روي أنه لما نزل: قال عليه الصلاة والسلام: إن شاء الله (إذا نسيت) إذا فرط منك نسيان لذلك ثم تذكرته. وعن ابن عباس: ولو بعد سنة ما لم يحنث، ولذلك جوز تأخير الاستثناء عنه وعامة الفقهاء على خلافه لأنه لو صح ذلك لم يتقرر إقرار ولا طلاق ولا عتاق، ولم يعلم صدق ولا كذب. أهـ بيضاوي ص ٤١٧.
(لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة)
قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالاذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر، ومعنى الكنز أنه ثواب مدخر في الجنة، وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أموالكم. قال أهل اللغة: الحول الحركة والحيلة: أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى، وقيل معناه لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا الله، وقيل لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه، وكله متقارب. أهـ نووي في باب الاستكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله ص ٢٦ جـ ١٧.
وقال ابن عباس في قوله تعالى:
أ - (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم) أي بالليل والنهار في البر والبحر والحضر وللسفر، والغنى والفقر، والمرض والصحة، والسر والعلانية. وقال تعالى في ذم المنافقين.
ب - (ولا يذكرون الله إلا قليلا) وقال عز وجل.
جـ - (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) ٢٠٥ من سورة الأعراف.
فالله تعالى يدعو الإنسان إلى ذكره مع حضور القلب رجاء أن يرحمنا ويفرج كروبنا.
(يتمثل الحب في ذكر الله أنيسا ونورا في القبر ونعيما كما في إحياء علوم الدين)
قال الغزالي: الذكر ثمرة العبادات العملية، والذكر أول وآخر، فأوله يوجب الأنس والحب: وآخره يوجبه الأنس والحب، ويصدر عنه المطلوب ذلك الأنس والحب.
فإن المريد في بداية أمره قد يكون متكلفا بصرف قلبه ولسانه من الوسواس إلى ذكر الله عز وجل فان وفق للمداومة أنس به وانغرس في قلبه حب المذكور إلى أن قال: فأول الذكر متكلف إلى أن يثمر الأنس بالمذكور والحب له ثم يمتنع الصبر عنه آخرا فيصير الموجب موجبا، والمثمر مثمرا، وهذا عنى قول بعضهم: كابدت القرآن عشرين سنة ثم تنعمت به عشرين سنة: ولا يصدر التنعم إلا من الأنس والحب، ولا يصدر الأنس إلا من المداومة على المكابدة والتكلف مدة طويلة حتى يصير التكلف طبعا (هي النفس ما عودتها تتعود).
ثم إذا حصل الأنس بذكر الله سبحانه انقطع عن غير ذكر الله، وما سوى الله عز وجل، وهو الذي يفارقه =

<<  <  ج: ص:  >  >>