للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كانت الدنيا نيته (١)

فرق الله عليه أمره (٢) وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانت الأخرة نيته (٣) جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهى راغمة (٤). رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقى بتقديم وتأخير، وروى صدره إلى قوله: ليس بفقيه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه بزيادة عليها.

رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه

٣ - وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد الخيف من منى فقال: نضر الله امرأً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها، ثم ذهب بها إلى من لم يسمعها ألا فَرُبَّ حامل فقهٍ لا فقه له (٥)، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، الحديث. رواه الطبراني في الأوسط.

٤ - وعن جبير بن معطم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيف (خيف منى) يقول: نضر الله عبداً سمع مقالتى فحفظها ووعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغلُّ عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، ولُزومُ جماعتهم، فإن دعوتهم تحفظ (٦) من وراءهم. رواه أحمد وابن ماجه والطبراني في الكبير مختصرا ومطوّلا إلا أنه قال تحيط بياء بعد الحاء، رووه كلهم عن محمد بن إسحق عبد السلام عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، وله عند أحمد طريق عن صالح بن كيسان عن الزهرى وإسناد هذه حسن.


(١) غاية قصده في كده وكبحه ويبخل في تشييد الصالحات من ثمرة علمه ..
(٢) شتت عمله، وأقلق مضاجعه، وزاده هما في طلبها، وغما في جمعها، وأخذ منه القناعة وسلط عليه الشره والجشع، مهما نال منها لم يشبع.
(٣) طلبه فعل الصالحات لله يزيل الله عسره ويقضي حاجته بسهولة ويهب له الرضا والسعادة والقناعة، ويبارك فيما أعطى، وتزلل له أموره.
(٤) غضبى متسخطة لكثرة خيرات الله فيها وكارهة مجيئها إليه، ومن أطاع الله كفاه وأغناه. فيه أن الإنسان يتقى الله ما استطاع، ويجتهد في إخلاص العمل ابتغاء ثوابه، ويرد الظالمين، وينصح الباغين، ويهجر الفاسقين، ويود الصالحين، ويقول الحق، ويتبع منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى الاتحاد والائتلاف، ويلازم الجماعة والشورى رجاء أن يضاعف الله له ثوابه، ويطهر قلبه من الأحقاد، ويبرأ من الخيانة والمأثم، وينطوي على حب الخير؛ وفعل البر؛ ويجتهد في حياته في إرضاء مولاه ولا تغره زخارف الدنيا، فيكبح لجمعها، وينسى الله وحقوقه، ويغرس للآخرة ليحيطه الله برعايته ويشمله برضوانه.
(٥) في نسخة: ليس بفقيه.
(٦) في نسخة تحيط من ورائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>