للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الخامس عشر: الدعاء نهاية التذلل للقادر، ومصدر العطف من الرحيم، ودليل الإخلاص للأحد الصمد (الدعاء مخ العبادة).
السادس عشر: الدعاء يرد كيد الخصوم ويحبط تدابيرهم، ويزيل كل هم وغم وسبب قضاء الحاجات وتيسير الصعاب، ومذلل العسير (ينجيكم من أعدائكم ويدر لكم أرزاقكم) فكأن الدعاء صندوق توفير يودع عند رب الأمانات وحكيمها ومنميها فيأخذ منه الداعي على قدر ما يريد الله له من الخير إن عاجلا وإن آجلا. قال تعالى: (الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز. من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب) ٢٠ من سورة الشورى.
أي يرزقه كما يشاء فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته (القوي) الباهر القدرة (العزيز) المنيع الذي لا يغلب (حرث الآخرة) ثوابها، شبهه بالزرع من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا ولذلك قيل الدنيا مزرعة الآخرة (نزد له في حرثه) فنعطه بالواحد ع شرا إلى سبعمائة فما فوقها (نصيب) حظ. (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) إن شاهدنا طلب سؤال الله يغرس الصالحات عنده سبحانه بالتضرع إليه في كل لحظة عسى أن نحظى بسعادة الدنيا والآخرة.
(آداب الدعاء)
أولا: أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة المحبوبة كيوم عرفة ورمضان، ويوم الجمعة ووقت السحر. قال تعالى (وبالأسحار هم يستغفرون) ١٨ من سورة الذاريات.
ثانياً: أن يغتنم الأحوال الشريفة كزحف الصفوف في الجهاد أو في إقامة الصلاة أو بين الأذان والإقامة أو خلف الصلوات أو في السجود.
ثالثاً: أن يدعو مستقبل القبلة، ويرفع يديه بحيث يرى بياض إبطيه.
رابعاً: خفض الصوت بين المخافتة والجهر.
خامساً: أن لا يتكلف السجع في الدعاء، فإن حال الداعي ينبغي أن يكون بتضرع، والتكلف لا يناسبه قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) ٥٥ من سورة الأعراف.
سادساً: التضرع، والخشوع، والرغبة، والرهبة قال الله تعالى: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين) ٩٠ من سورة الأنبياء.
سابعاً: أن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاءه فيه.
ثامناً: أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثا. قال ابن مسعود: كان عليه الصلاة والسلام إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً.
تاسعاً: أن يفتتح الدعاء بذكر الله عز وجل فلا يبدأ بالسؤال. واستفتح صلى الله عليه وسلم (سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب) ثم يصلي الداعي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته، ثم يختم
بحمد الله والصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم (فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما).
عاشراً: التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة والطهارة وصفاء القلب من المعاصي والإكثار من الطاعة والصدقة والإحسان أهـ.
قال عز وجل: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعو فله الأسماء الحسنى، ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) ١١٠ من سورة الإسراء، نزلت حين سمع المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا الله يا رحمن فقالوا: إنه ينهانا أن نعبد إلهين، وهو يدعو إلاهاً آخر (الحسنى) لدلالتها على صفات الجلال والإكرام (وابتغ) واطلب بين الجهر والمخافتة وسطاً، فإن الاقتصاد في جميع الأمور محبوب.
روي أن أبا بكر رضي الله عنه كان يخفت ويقول: أناجي ربي، وقد علم حاجتي، وعمر رضي الله عنه كان يجهر ويقول: أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان، فلما نزلت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع =

<<  <  ج: ص:  >  >>