للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال الحافظ): قد صح النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين، ثمَّ نسخ ذلك.

فروى مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وغيره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالرَّجل الميت عليه الدين، فيسأل (١) هل ترك لدينه قضاءً، فإن حدِّث أنه ترك وفاءً صلى الله عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكمْ، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمنْ توفي وعليه دينٌ فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثتهِ (٢).


(١) فيسأل، وفي ن د: يقال.
(٢) فلورثته كذا د وع، وفي ن ط فهو لورثته. قال الشيخ شرقاوي (قال لأصحابه صلوا عليه ولا يصلي هو) تحذيرا عن الدين وزجرا عن المماطلة ثم بعد ذلك صار يصلي على كل جنازة حضرها ويلتزم بالدين. ثم الذي يضمن أداء دين الميت هذا الضمان صحيح عند الجمهور من غير رجوع في مال الميت. وعن مالك للضامن أن يرجع إن قال ضمنت لأرجع فإن لم يكن للميت مال وعلم الضامن بذلك فلا رجوع له، وعند أبي حنيفة إن ترك الميت وفاء جاز الضمان بقدر ما ترك وإن لم يترك وفاء لم يصح، وصلاته عليه الصلاة والسلام عليه وإن كان الدين باقيا في ذمة الميت لكون صاحب الحق عاد إلى الرجاء بعد اليأس واطمأن بأن دينه صار في مأمن فخف سخطه وقرب من الرضا أهـ ص ٢٠٧ جـ ٣.
وقد ذكر هذا الحديث في كتاب الحوالات. والحوالة لغة: التحول والانتقال، وشرعا عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة أخرى. وأركانها ستة: محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين المحيل على المحال إليه، وصيغة، وهي بيع دين بدين جوز للحاجة، ويشترط رضا المحيل والمحال وأن تكون الحوالة بدين لازم فلو أحال على من لا يدين له لم تصح الحوالة وإن رضي بها لعدم الاعتياض فإن تطوع بأداء دين المحيل كان قاضيا دين غيره ويشترط اتفاق الدينين جنسا وقدرا وحلولا وتأجيلا وصحة وتكسيرا وجودة ورداءة.
(استعاذ صلى الله عليه وسلم من الدين لتبعد أمته عنه لأضرار: من فقه الأحاديث)
أولاً: الدين يعادل في العقاب الكفر في الذلة والإهانة وغلبة الدائن وسلطته على المدين (أتعدل الكفر بالدين).
ثانياً: الدين راية الضعف والمسكنة ترفرف على المدين بضعته.
ثالثاً: عدم الدين يجلب السعادة وتنسم الحرية والشعور بالكرامة والمروءة (أقلل من الدين).
رابعاً: عدم الاستدانة بشارة الاستقامة وعنوان الهداية وطريق الجنة.
خامساً: ترك الدين في الرخاء أحسن خشية أن يستدين فلا يجد ما يؤدي به، وبذا يدخل جهنم بسبب دينه وتؤخذ حسناته للدائن وتطرح عليه سيئاته أيضاً انتقاماً منه وترضيه لصاحب الدين.
سادساً: كثرة الاستدانة تجلب الفقر وتنزع البركة من المال وتنذر بالخراب والخسران (أتلفه الله).
سابعاً: جواز الاستدانة عند الحاجة فقط على شريطة نبة الوفاء وحسن الأداء (التمس ذلك العون).
ثامناً: قضاء حاجات الناس وفك كروبهم محمدة ومجلبة للخير ورضوان الله (كانت ميمونة تدان فتكثر).
تاسعاً: من أخذ مال الناس بنية عدم الوفاء كالغصب والنهب (لقى الله سارقا (وهو خائن).
عاشراً: الزوج إذا لم يدفع المهر لزوجته فهو آثم وعيشته معها محرمة وهو عاص ربه (زان). =

<<  <  ج: ص:  >  >>