للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنكح المرأة لأربع ... إلخ

١٦ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تُنْكَحُ المرأة لأربعٍ (١) لِمَالِها (٢) وَلِحَسَبِها (٣)، ولجمالها (٤)، ولدينها (٥)،

فاظفر بذات الدين تربت يداك (٦) " رواه البخاري ومسلم، وأبو دواد والنسائي وابن ماجة.

[تربت يداك]: كلمة معناها الحث والتحريض، وقيل: هي هنا دعاء عليه بالفقر، وقيل: بكثرة المال، واللفظ مشترك بينهما قابل لكل منهما، والآخر هنا أظهر، ومعناه اظفر بذات الدين، ولا تلتفت إلى المال، أكثر الله مالك، وروى الأول عن الزهري، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال له ذلك لأنه رأى الفقر خيراً له من الغنى، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم.


(١) لأربع خصال.
(٢) لوجود مال عندها فيستفيد الزوج منه، قال في العيني: لأنها إذا كانت صاحبة مال لا تلزم زوجها بما لا يطيق، ولا تكلفه في الإنفاق وغيره، وقال المهلب: هذا دال على أن للزوج الاستمتاع بمالها، فإنه يقصد لذلك فإن طابت به نفساً فهو له حلال، وإن منعته، فإنما له من ذلك بقدر ما بذل من الصداق. أ. هـ.
(٣) هو إخبار عن عادة الناس في ذلك، والحسب ما يعده الناس من مفاخر الآباء، ويقال الحسب في الأصل الشرف بالآباء وبالأقارب، ويقال الفعال الحسنة.
(٤) لأن الجمال مطلوب في كل شيء، ولاسيما في المرأة التي تكون قرينته وضجيعته.
(٥) لاستقامتها وتعلقها بعمل الشرع، ولأن بالدين يحصل خير الدنيا والآخرة، واللائق بأرباب الديانات، وذوي المروءات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء، ولاسيما فيما يدوم أمره، ولذلك اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه فأمره بالظفر الذي هو غاية البغية. وقال الكرماني: فاظفر جزاء شرط محذوف: أي إذا تحققت تفضيلها فاظفر أيها المسترشد بها. وقال القرطبي: هذه الخصال ترغب في النكاح، وظاهره إباحة النكاح لقصدكن من ذلك لكن قصد الدين أولى، ولا يظن أن هذه الأربع تؤخذ منها الكفاءة. أ. هـ، وقال المهلب: الأكفاء في الدين هم المتشاكلون، وإن كان في النسب تفاضل بين الناس، وقد نسخ الله ما كانت تحكم به العرب في الجاهلية من شرف الأنساب بشرف الصلاح في الدين، فقال تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وقال مالك: "الأكفاء في الدين دون غيره، والمسلمون أكفاء بعضهم لبعض، فيجوز أن يتزوج العربي والمولى القرشية، وعزم عمر رضي الله عنه أن يزوج ابنته من سلمان رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند. فقالوا يا رسول الله أنزوج بناتنا من موالينا؟ فنزلت "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى" الآية، رواه أبو داود، وقال أبو حنيفة: قريش كلهم أكفاء بعضهم لبعض، ولا يكون أحد من العرب كفؤاً لقرشي، ولا أحد من الموالي كفؤاً للعرب، ولا يكون كفؤاً من لا يجد المهر والنفقة، وفي التلويح احتج له بما رواه نافع من مولاه مرفوعاً (قريش بعضها لبعض أكفاء إلا حائك أو حجام) وعن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً، رواه الترمذي. أ. هـ (ص ٨٧ جـ ٣، وكذا فتح ص ١٠٦، جـ ٩ ملخصاً).
(٦) في رواية: يمينك.

<<  <  ج: ص:  >  >>