يا رسول الله قد صار مثل الكلْبِ الْكَلِبِ نخافُ عليك صولتهُ؟ قال: ليس علىَّ منهُ بأسٌ، فلما نظر الجملُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيتهِ أذلَّ ما كانت قطُّ حتى أدخلهُ في العملِ، فقال له أصحابه: يا رسول الله هذا بهيمةٌ لا يَعْقِلُ يسجد لك، ونحن نعقلُ فنحن أحقُّ أن نسجدُ لك، قال: لا يصلحُ لبشرٍ أن يسجدَ لبشرٍ، ولو صلح لبشرٍ أن يسجد لبشرٍ لأمرتُ المرأة أن تسجدُ لزوجها لِعِظَمِ حقهِ عليها، لو كان من قدمهِ إلى مَفْرَقِ رأسه قَرْحَةٌ تنبجسُ بالقيح والصديد ثم استقبلتهُ فلحستهُ ما أدت حقه (١)" رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون، والبزار بنحوه، ورواه مختصراً، وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار، ولم يذكر قوله، لو كان إلى آخره، وروى معنى ذلك في حديث أبي سعيد المتقدم.
[قوله يسنون عليه]: بفتح الياء، وسكون السين المهملة، أي يستقون عليه الماء من البئر.
[والحائط]: هو البستان.
[تنبجس]: أي تتفجر وتنبع.
لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
٢١ - عن قيس بن سعد رضي الله عنه قال: "أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فقلتُ: رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقُّ أن يُسجدَ له فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إني أتيتُ الحيرة فرأيتهم يسجدون لِمَرْزُبَانٍ لهم، فأنت أحقُ أن يُسجد لك، فقال لي: أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ فقلت: لا. فقال: لا تفعلوا لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ النساء أن يسجدوا لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق" رواه أبو داود في إسناده شريك، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، ووثق.
٢٢ - وعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: لما قدم مُعاذ بن جبل من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: يا رسول الله، قَدِمْتُ الشام، فوجدتهم يسجدون لبطارقَتِهِم وأسَاقِفهم، فأردتُ أن أفعل ذلك
(١) أخبر صلى الله عليه وسلم أن المرأة تتفانى في خدمة زوجها حتى لو بلى جسمه وقذر فلحسته لم تفِ بواجبه، وفيه الترغيب في طاعة الزوج ونهاية الإخلاص له.