للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وعن أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري، واسمهُ إياسٌ رضي الله عنه قال: "ذكر أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون ألا تسمعون؟ إن البذاذةَ (١) من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان يعني التفحُّلَ" رواه أبو داود وابن ماجة كلاهما من رواية محمد بن إسحاق، وقد تكلم أبو عمر النمري في هذا الحديث.

[البذاذة] بفتح الباء الموحدة، وذالين معجمتين: هي التواضع في اللباس برثاثة الهيئة وترك الزينة، والرضا بالدون من الثياب (٢).

٤ - ورويَ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل يحب المتبذل الذي لا يبالي ما لبس" رواه البيهقي.

٥ - وعن أبي بُرْدَةَ رضي الله عنه قال: "دخلت على عائشة رضي الله عنها، فأخرجت إلينا كساء مُلَبَّداً من التي تُسَمُّونها المُلبَّدَةَ، إزاراً عظيماً مما يُصنعُ باليمن، وأقسمتْ بالله لقد قُبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الثوبين" رواه البخاري ومسلم وأبو داود، والترمذي أخصر منه.

[الملبد]: المرقع، وقيل غير ذلك.

٦ - ورويَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: تُوفيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن نَمِرَةً من صوفٍ (٣) تُنْسَجُ له" رواه البيهقي.

٧ - وعن أنس رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خَشِناً، وَلبِسَ خَشناً، لبس الصوفَ، واحتذى المَخْضُوفَ (٤).

قيل للحسن: ما الخشنُ؟ قال:


(١) في النهاية أراد التواضع في اللباس، وترك التبجح به، والتبذل ترك التزين، والتهيئ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. أ. هـ.
(٢) لابس ثوب المهنة.
(٣) شملة مخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض.
(٤) انتعل الحذاء المرقع: نهاية الإخلاص لله تعالى، والزهادة في الدنيا، يختار الغذاء الذي يعطي القوت، والقوة على العمل الصالح البعيد من البذخ والترف والتنعم، وكذا الملبس. لماذا؟ لحقارة الدنيا، ولتفانيه صلى الله عليه وسلم في عبادة ربه، وكسره جماح نفسه، ولتعليم أمته التواضع، والرضا بالقليل، والسعي وراء اكتساب المحامد، واجتناب الرفاهية الداعية إلى المعاصي، والغفلة عن الله تعالى ودعوة الشباب إلى الاقتصاد في الملبس والعيش:
(أ) قال عز شأنه: "وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون" (٣٢ من سورة الأنعام): =

<<  <  ج: ص:  >  >>