للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشاةٍ، فشرب حِلابها، ثم أخرى فلم يسْتَتِمَّهُ (١)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن ليشربُ في مِعىً واحدٍ، والكافرَ يشرب في سبعة أمعاء" رواه مالك والترمذي بنحو هذه.

ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنٍ

٢ - وعن المقدام بن مَعْدِ يكرب رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ملأ (٢) آدميٌ وعاءً شراً من بطنٍ، بحسبِ ابن آدم أكيلاتٌ (٣)

يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإن كان لا محالة (٤)، فثلث لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه" رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه إلا أن ابن ماجة قال: "فإن غلبت الآدميَّ نفسهُ فثلثٌ للطعام" الحديث.

٣ - وعن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: "أكلتُ ثَرِيدَةً من خُبزٍ ولحمٍ، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأُ (٥)، فقال: يا هذا كُفَّ عَنَّا (٦) مِنْ جُشَائِكَ،


(١) فلم يكمله لأن أشعة الإسلام سطعت على قلبه، فملأته قناعة، وزهادة، وأبعدت الشره، قال تعالى: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" (٢ من سورة فاطر)، (من رحمة) كنعمة، وأمن، وصحة، وعلم، ونبوة.
(٢) لن يملأ إنسان وعاء يعود عليه بالضرر مثل ملء بطنه الذي يعود عليه بالتخمة والأمراض.
(٣) لقيمات كافية الإنسان متصفة بإعانته على أعماله، ومقوية له، ومزيلة الجوع، ويكون منهجه عند الطعام.
(أ) ثلث بطنه يملؤه طعاماً.
(ب) الثلث الثاني لشرابه.
(جـ) الثالث لاستنشاق الهواء العليل البليل المغذي المنمي الجسم، أنعم بك يا رسول الله من حكيم ماهر سننت لأمتك ما يجلب لها العافية، والصحة التامة: عدم الشبع المفرط، وتجنب الإسراف في الطعام، قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" (٣١ من سورة الأعراف). أي ما طاب لكم تمتعوا به، ولا تتغالوا في تحريم الحلال، أو التعدي إلى الحرام، أو بإفراط الطعام، والشره عليه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "كل ما شئت، والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة" وقال علي بن الحسين بن واقد: قد جمع الله الطب في نصف آية، فقال: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" (٣١ من سورة الأعراف) أي لا يرتضى فعلهم، لقد أجمع الأطباء على أن ملء المعدة مهلك مضعف ومسبب الأوجاع المختلفة، ومزيل قوة الشباب، ونضرته، ويصفون العلاج الآن بالإقلال من الطعام ما استطاع الإنسان ليشفى، وقد أخبرني غير واحد أن اكتساب الصحة جاء من عدم الشبع، والأكلة التي يطمع فيها الطامع فيشبع تجلب الوهن في الجسم، وتحرك ما كمن من الأدواء، كان والدي رحمه الله يعالج صحته بالجوع (الحمية) والامتناع عن تناول الطعام ويكتفي بالسوائل.
(٤) فإن حتم على نفسه الغذاء فيتبع طريقة الاقتصاد في أكله على النحو الذي وصفه صلى الله عليه وسلم.
(٥) أحدث صوتاً مع ريح يحصل من الفم عند حصول الشبع، والاسم الجشاء: أي (تترع).
(٦) كف عنا، كذا (ط وع ص ٦٠)، وفي (ن د) أكفف عنا: أي امتنع أو أبعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>