للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها دعته إلى غيرها، فيصير إلى أن لا يمكنه عصيان نفسه في هوى قط، وينسد باب العبادة دونه، فإذا آل به الأمر إلى هذا لم يبعد أن يقال: "أذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ"، فلا ينبغي أن تعود النفس ربما تميل به إلى الشره ثم يصعب تداركها، ولْتُرَضْ من أول الأمر على السداد، فإن ذلك أهون من أن تدرب على الفساد ثم يجتهد في إعادتها إلى الصلاح، والله أعلم.

قال البيهقي: وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه اشترى من اللحمِ المهزول، وجعل عليه سَمْناً، فرفع عمر يده، وقال: والله ما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا أكل أحدهما، وتصدق بالآخر، فقال ابن عمر: اطعم يا أمير المؤمنين، فوالله لا يجتمعان عندي أبداً إلا فعلت ذلك.

١٩ - وعن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلوا، واشربوا، وتصدقوا ما لم يُخالطهُ إسْرافٌ (١) ولا مَخيلةٌ (٢) " رواه النسائي وابن ماجة، ورواته إلى عمر ثقات يحتج بهم في الصحيح.

٢٠ - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال له: إياك والتنعم (٣)، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين" رواه أحمد والبيهقي، ورواة أحمد ثقات.

٢١ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أشرار أمتي الذين غُذُوا بالنعيم (٤)، ونبتت عليه أجسامهم" رواه البزار، ورواته ثقات إلا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم.

٢٢ - ورويَ عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون رجالٌ من أمتي يأكلون ألوان الطعام، ويشربون ألوان الشراب،


(١) تبذير.
(٢) كبرياء.
(٣) الترفه وزيادة الرفاهية الجالبة الغفلة عن الله وضياع الأعمال الصالحة.
(٤) تمتعوا بالخيرات ونسوا حقوق الله فيها فسببوا لأنفسهم العذاب الأليم من جراء الإنفاق في غير الحلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>